الفكري ، حيث يظهرون لهم : أنهم يعرفون كل شيء ، لأن التوراة مكتوب فيها كل شيء ، حتى الأرض شبرا شبرا.
قال كعب الأحبار لقيس بن خرشة لاعتراضه عليه ، حين أخبره بما يجري على أرض صفين : «ما من الأرض شبر إلا مكتوب في التوراة ، الذي أنزل الله على موسى ، ما يكون عليه ، وما يخرج منه إلى يوم القيامة» (١).
وفي نص آخر قال : «ما من شيء إلا وهو مكتوب في التوراة» (٢).
ونقول :
إن التوراة التي تحوي كل هذه التفاصيل لا بد أن تكون مئات بل آلاف المجلدات.
ولو صح أن توراة موسى كان فيها كل ذلك ، فمن الذي يضمن أن تكون التوراة الحاضرة هي نفس تلك؟
ونحن نرى : أنها تفقد كل ذلك الذي يدّعون أنه يوجد فيها.
ومهما يكن من أمر ، فقد أنشد الحطيئة بيتا من الشعر ، فادّعى كعب الأحبار فورا : أنه مكتوب في التوراة (٣).
ودعوى كعب وجود كثير مما يتفق أمامه : أنه مذكور في التوراة بهدف كسب ثقة الناس بعلمه وبمعارفه ، ورفع شأن التوراة في أعينهم ، كثير لا
__________________
(١) دلائل النبوة للبيهقي ج ٦ ص ٤٧٦ والدر المنثور للسيوطي ج ٣ ص ١٢٥ عنه وعن الطبراني.
(٢) بحوث مع أهل السنة والسلفية ص ٨٢ عن أضواء على السنة المحمدية ص ١٤٠.
(٣) المحاسن والمساوئ ج ١ ص ١٩٩.