على الكتاب ، وأنه مهما ثبت عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» شيء كان حجة بنفسه.
فأما ما رواه بعضهم ، أنه قال : إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله ، فإن وافقه فخذوه ، فإنه حديث باطل لا أصل له.
وقد حكى زكريا الساجي ، عن يحيى بن معين ، أنه قال : «هذا حديث وضعته الزنادقة» (١).
ونقول :
أولا : إن الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» إنما يستنكر رد ما علم أنه قوله وأمره ، ولا يستنكر عرض الحديث المشتبه به على القرآن للتأكد من صدوره منه «صلى الله عليه وآله».
ثانيا : لقد جاء هذا الحديث ليخبر عما سوف يكون حين وفاته «صلى الله عليه وآله» وقد تحقق مصداق ما أخبر عنه ، وذلك حينما طلب «صلى الله عليه وآله» أن يأتوه بكتف ودواة ليكتب لهم كتابا لن يضلوا بعده أبدا ، فقال عمر بن الخطاب : «حسبنا كتاب الله» (٢).
وهذا يعني : أن عمر بن الخطاب يرى : أن القرآن أصل برأسه ، وأنه
__________________
(١) عون المعبود في شرح سنن أبي داود ج ٤ ص ٣٥٦.
(٢) راجع : مسند أحمد ج ٦ ص ٤٧ و ١١٦ وج ١ ص ٩٠ و ٢٢ و ٢٩ و ٣٢ و ٣٣٦ و ٣٣٥ وج ٣ ص ٣٤٦ وصحيح مسلم ج ٥ ص ٧٦ وصحيح البخاري ج ٤ ص ٥ و ١٧٣ وج ١ ص ٢٢ والمصنف للصنعاني ج ٥ ص ٤٣٨ و ٤٣٩ وتهذيب تاريخ دمشق ج ٦ ص ٤٥١. وراجع بقية المصادر في كتابنا : صراع الحرية في عصر المفيد.