فإذا كان مثل أبي أيوب لا يجرؤ على العمل بما سنه النبي «صلى الله عليه وآله» ، فما ظنك بغيره من الناس العاديين ، الذين ليس لهم ما لأبي أيوب من احترام وتقدير ومكانة لدى صحابة رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟
كما أننا لم نفهم ما هو المحذور في أن يصلي الناس حتى الليل!! حتى جاز لعمر ضرب الناس لأجل ذلك!! وأخيرا .. فقد روي : أن عمر قد هم أن يمنع الناس عن كثرة الطواف.
وقال : «خشيت أن يأنس الناس هذا البيت ، فتزول هيبته من صدورهم» (١).
أضف إلى ما تقدم : أن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان يقول : «ابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سرا» (٢).
وحذيفة إنما توفي في أوائل خلافة علي «عليه السلام» ، بعد البيعة له «عليه السلام» بأربعين يوما ، على ما قيل.
وهو من القادة الكبار ، الذين كان الحكام يعتمدون عليهم في فتوحاتهم قبل علي «عليه السلام» ، وكانت له مكانته المرموقة ودوره الكبير فيما بين الشخصيات الفاعلة في النظام القائم.
فقوله المتقدم يدل على أن الأجواء العامة كانت ضد المؤمنين ، وأن السيطرة كانت لأناس لا يهمهم أمر الدين في شيء ، بل كان المؤمنون يتعرضون للسخرية والاستهزاء ، تماما كما هو الحال بالنسبة لطغيان الفساق
__________________
(١) تاريخ الخميس ج ١ ص ١٢٤.
(٢) صحيح مسلم ج ١ ص ٩١ وصحيح البخاري ج ٢ ص ١١٦.