من إستضعاف قريش لهم ، رجالاً ونساءً وولداناً ، وكان هو من الولدان الذين لحقهم الأذى حتى روي عنه بعد ذلك في تفسير قوله تعالى : ( وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ) (١).
قال الرازي : « المراد بالمستضعفين من الرجال والنساء والولدان قوم من المسلمين بقوا بمكة وعجزوا عن الهجرة إلى المدينة ، وكانوا يلقون من كفار مكة أذىً شديداً » (٢).
قال ابن عباس : « كنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان » ، ونقل ذلك عنه جملة من المفسرين كالقرطبي في الجامع لأحكام القرآن (٣). والسيوطي في الدر المنثور وغيرهما. ورواه البخاري في صحيحه (٤) ، وغير.
وهذا يعني أنه كان يعاني ربما من أبناء المشركين في مثل سنّه من مضايقات وربّما من آبائهم أيضاً ما خلّف ذلك أثراً في نفسه فحدّث عنه ، وسيأتي في ترجمة أمه ما يتصل بهذا.
وأيضاً ممّا لا شك فيه أنه وعى إخراج قريش لأبيه ولأبناء عمومته طالب وعقيل ونوفل ـ كُرهاً وذلك في حرب بدر. كما وعى ما حدث بعد ذلك من أخبار عن أنتصار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على قريش وأسر أبيه وعودته إلى مكة بعد وصول خبر الحرب اليها ـ وسيأتي طرف منه في ترجمة أمه لبابة ، ومن القريب جداً أنّه
_______________________
(١) النساء / ٧٥.
(٢) تفسير الرازي ١٠ / ١٨٢ ط البهية بمصر ١٣٥٧ ه.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ٥ / ٢٧٩.
(٤) صحيح البخاري (كتاب التفسير ، سورة النساء) ٦ / ٤٦.