٢٩ ـ وأخرج الطبراني في معجمه الكبير بسنده عن ابن عباس قال : « قرأ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في صلوات ، وسكت في صلوات فنحن نقرأ فيما قرأ فيه نبيّ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ونسكت فيما سكت فيه ، فقيل له : فلعل نبيّ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قرأ في نفسه فغضب وقال : أو يتهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟! أو يتهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (١) ؟!
_______________________
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولذلك قال الحافظ ابن عساكر ١٦ / ٢٤٩ / ٢ إلى أنّه أصح ما ورد في فضل معاوية ، فالظاهر أن هذا الدعاء منه صلىاللهعليهوآلهوسلم غير مقصود ؟ بل هو ما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نيّة. أقول : وأستمر في محاولة تبريره لجعل الدعاء لمعاوية لا عليه وإن أدّى ذلك على حساب مقام النبوة فيقول : ويمكن أن يكون منه صلىاللهعليهوآلهوسلم بباعث البشرية وساق بعض ما رواه مسلم في نفس الباب الّذي عنونه ـ باب من لعنه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو سبّه أو دعا عليه وليس هو أهلاً لذلك كان له زكاة وأجراً ورحمة.
ثمّ حلل قوله النبوي في شرحه لمسلم : وأمّا دعاؤه على معاوية ففيه جوابان :
أحدهما : أنّه جرى على اللسان بلا قصد.
والثاني : أنّه عقوبة له لتاخره ، وقد فهم مسلم رحمه الله من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقاً للدعاء عليه ، فلهذا أدخله في هذا الباب وجعله غيره من مناقب معاوية لأنّه في الحقيقة يصير دعاء له.
الى آخر كلامه الّذي جرى فيه على هواه في معاوية شأن غيره من علماء التبرير ولا يخفى ما في ذلك من اتباع الهوى على القارئ البصير.
ولهؤلاء من التنطع في المقام ما يبعث على القرف والأشمئزاز ، بعد أن لم يسعهم الطعن في الأسناد ، فجهدوا في تأويل المتن والأستفادة منه ، وجعلها فضيلة لمعاوية ، ولكن الذهبي وغيره لم يرضهم التأويل فقال الذهبي في سير أعلام النبلاء هذا ـ يعني الحديث ـ ما صح والتأويل ركيك ، راجع صحيح مسلم باب البر والصلة ستجد ما ينسب إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : (اللّهم من سببته أو شتمته من الأمة فأجعلها له رحمة) ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٢٨٧ ط دار الفكر.
(١) المعجم الكبير للطبراني ١١ / ٢٨٣.
وفي مسألة الجهر والإخفات ، اختلاف وقع بين الصحابة بعد موت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فكان ابن عباس يعلن برأيه مستنكراً على الجبهة المعارضة بقوله : ما جهر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم جهرنا وما سكت سكتنا. (اُنظرالمعجم الكبير للطبراني ١١ / ٢٧٤).