الواقدي ، وجرى ذكرها في كتب السنّة كما جرى ذكرها في كتب السيرة ، ولم تخلُ منها حوليات المؤرخين كالطبري وغيره.
وهنا من الطبيعي أن يكون للرأي الآخر دورٌ في تفنيد حجة العباسيين ونسف تاريخهم ، وكان يمثل ذلك الدور الخصوم من العلوية من أبناء الحسن مضافاً إلى شيعتهم ومن يرى في العباسيين مظالم لا حدّ لها.
فكان النقل ، وكان الدس والإفتراء بما يسلبهم حتى محاسن أمجادهم الثابتة ، فنال العباس وابنه عبد الله ـ وهو والد الخلفاء ـ نصيب غير منقوص. حتى صوّروا العباس وهو يشايع ابن أخيه علياً على أمره ، فيذكروا عنه كلاماً لا يخلو من نقد لاذع ومهما تهضمنّاه ورأينا صحة المروي في ذلك فربّما كان المبرّر هو جوّ الصدور الذي يستدعي تلك الزفرات الحارة ولكن هلم الخطب في ابنه عبد الله وما ألحق به من الرواة حتى كادوا تجريده من كل فضيلة ، فصورّوه نداً لعلي وناقداً له كما في قصة تحريق الغلاة ، وفيها من التهويش والتشويش ما لا يخفى كما سيأتي بيانه في الكتاب. وذكروا له آراء فقهية مخالفة له ، ولا كبير مؤاخذة لمن يراه مجتهداً. غير أنّ ما ورد من الحديث مكذوباً عليه أكثر من غيره ، لكثرة المتزلفين إلي أبنائه ، حتى قال يحيى بن سعيد : « لم أر لكذب قط أكثر منه فيمن ينسب إلي الحبر » (١).
ولكن الطامة العامة ما رووه في خيانته بيت مال البصرة أيام ولايته ومفارقته للإمام مغاضباً وغاصباً ، واستمرت روايات الخصوم في التشنيع عليه ، فذكروا له
_______________________
(١) قبول الأخبار ومعرفة الرجال ١ / ٦٧ لأبي القاسم الكعبري ٣١٩ ه دار الكتب العلمية بيروت.