وقيل : إنّه كان من النبيّ صلّى الله عليه (وآله) وسلّم لهم على طريق المشورة والإختبار هل يتفقون على ذلك أم يختلفون فلمّا أختلفوا تركه.
وقالت طائفة أخرى : إن معنى الحديث انّ النبيّ صلّى الله عليه (وآله) وسلّم كان مجيباً في هذا الكتاب لما طُلب منه ، لا أنّه ابتداء بالأمر ، بل اقتضاه منه بعض أصحابه فأجاب رغبتهم وكره ذلك غيرهم للعلل الّتي ذكرناها.
واستدل في هذه القصة بقول العباس لعليّ : انطلق بنا إلى رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم فإن كان الأمر فينا علمناه ، وكراهة عليّ هذا ، وقوله : والله لا أفعل... الحديث.
واستدل بقوله : (دعوني فإنّ الّذي أنا فيه). أي الّذي أنا فيه خير من ارسال الأمر وترككم وكتاب الله وأن تدعوني ممّا طلبتم ، وذكر أنّ الّذي طلب كتابة أمر الخلافة بعده وتعيين ذلك (١).
أقول : هذا كلّ ما ذكره في هذا الفصل من كتابه الشفاء وليس فيه من النافع إلّا شفى ـ القليل ـ إذ هو إمّا تكرار للسابقين أو تلفيق المتخرصين. ولابدّ لنا من محاسبته على بعض ما ذكره ممّا لم يُسبق إليه من وجوه الأحتمالات والتمحلات وإنّما نقلناه بطوله لأن جماعة ممّن على شاكلته تبعه على رأيه فإنهم بين من نقل جميع كلامه كما صنع النويري في نهاية الإرب (٢) ، ومنهم من لخصه كالقرطبي ولخص من تلخيصه ابن حجر في فتح الباري (٣) كما سيأتي تلخيصه.
_______________________
(١) أنظر الشفاء ٢ / ١٨٥ ـ ١٨٦ ط اسلامبول سنة ١٣٠٤ ه.
(٢) نهاية الإرب ١٨ / ٣٧٣ ـ ٣٧٨.
(٣) أنظر فتح الباري الجزء التاسع.