وخلّ عنك عليّاً وابن عباس فالأوّل باب مدينة علم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والثاني حبر الأمة ، ولا غضاضة عليه لو رجع إليهما. ولكن كيف يفضل على جميع الأمة عدا أبي بكر ، وهو دون مستوى الكثير الكثير من الصحابة وقد مرّت بنا أقواله الّتي قالها : « كلّ الناس أفقه منك يا عمر » (١). وقوله الآخر : « كلّ أحد أفقه من عمر » (٢). لكن علماء التبرير يأبون ذلك لا عن حجة ولكن دفعاً بالصدر.
ثانياً : زعمه أنّ الّذي أراد أن يكتبه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم هو خلافة أبي بكر ، وهذا قد مرّ مثله عند ابن حزم وغيره ، فلا حاجة إلى الوقفة عنده طويلاً سوى إنّا نود أن نسأل ابن تيمية الّذي استدل بثلاثة أحاديث كلّها عن عائشة فالأوّل عن الصحيحين ثمّ الثاني عن البخاري وحده وهذا ما استدل به غيره أيضاً ومرّ ما عندنا فيهما ، ولكن ما رأي علماء التبرير وابن تيمية منهم في الحديث الثالث الّذي رواه عن مسلم. وفيه ترشيح أبي عبيدة للخلافة من بعد عمر ؟ فأين كان الرواة عنه يوم السقيفة لحسم النزاع بين المهاجرين والأنصار وأحسبه لم يختلق بعد ، بل أحسبه من الموضوعات أيام النفرة بينها وبين عثمان حين كانت تقول : « اقتلوا نعثلاً فقد كفر » (٣) ، ولو كان له أدنى نصيب من الصحة لذكر فيه عثمان بعد عمر لأنّه الّذي تولى الخلافة ، وعلماء السلطان يروون في ترتيبهم ما ينسبونه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في مثل ذلك.
ثالثاً : زعمه أنّ عمر أشتبه عليه الأمر ، لماذا ذلك وهو صاحب الإلهام المزعوم وأنّه لو كان من المحدّثين أحد في هذه الأمة لكان هو ؟
_______________________
(١) كشف الخفاء للعجلوني ١ / ٤٦٦ و ٢ / ١٥٣ و ١٥٥ ط مؤسسة الرسالة بيروت.
(٢) سنن سعيد بن منصور ١ / ١٩٥ ط دار العصيمي بالرياض ، وكتاب الزهد لابن أبي عاصم ١ / ١١٤ ط دار الريان للتراث بالقاهرة.
(٣) شرح النهج لابن أبي الحديد ٣ / ٩٧ و ١١٤ ط الأولى بمصر.