جاز الثمانين ـ مناقشة الندّ للندّ (١) تغمده الله برحمته ، ووفاء مني بعرفان جميله نشرت كتابه الكريم في أول الكتاب.
سادساً : العلامة الدكتور مصطفى جواد رحمه الله (المتوفى ١٩٦٩ م) الذي جرّت المعرفة بيننا إلى معرفته بأمر الكتاب واطلاعه عليه حيث دعاني إلى بيته ، وهناك كانت قراءة بعض الصفحات وإبداء بعض الملاحظات ثم تتابعت قراءة بعضٍ آخر أرسلته فكان يوشّح ـ مشكوراً ومأجوراً ـ بعض التصويبات اللغوية فرحمة الله عليه.
_______________________
(١) لا أنسى تلك الأمسية العلمية الأدبية في ليلة الأثنين التي كانت تقام في مكتبة الجوادين العامة في صحن الإمامين الكاظمين عليهما السلام فدخلت المكتبة وكان المكان قد ضاق بالزوآر ، والمقريء السيد حيدر الجوادي يتلو بعض آي الذكر الحكيم ، فجلست بقرب مدير المكتبة الذي أفسح لي حتى إذا انتهى المقريء من تلاوته وتقدمت للسلام على سماحة السيد رحمه الله فاستقبلني بحفاوة بالغة وكان من بين السادة الحضور المرحوم الخطيب السيد عبد اللطيف الوردي ، والمرحوم الخطيب الشيخ كاظم آل نوح والمرحوم الدكتور عز الدين آل يس ، والدكتور ضياء الدين الدخيلي وآخرين لم تحضرني فعلاً أسماؤهم ، فرأوا إقبال المرحوم سماحة السيد بطلعته البهية وشيبته البيضاء الفضية التي زانت محياه على شاب لم يتخطّ العقد الثالث من عمره ، فأثار ذلك تساؤل من لم تكن لي ولهم سابق معرفة بيننا. فأحفاني ـ رحمه الله ـ بالسؤال ، ثم تفضّل يعرّفني إلى الجماعة الذين ذكرت أسماءهم بما لا استحقه من الإطراء ثم عاد يسألني عن كتاب ابن عباس ـ رحمه الله ـ وإلى أي مرحلة وصلت فيه ، فأخبرته بتمامه ، فاستبشر كثيراً وجرنّا الحديث إلى طلبه بقراءة فهرسته ثم قراءة بعض فصوله ، وفي اثناء ذلك كانت مداخلات من بعض الحضور ـ وخاصة المرحوم الخطيب الشيخ كاظم آل نوح ـ ومناقشات دامت وقتاً أكثر ممّا هو معتاد لسماحته وللحضور. ولكنهم كانوا يصرّون على مزيد من الحديث ، وجرت بيني وبينهم بعض المطايبات والنكات ، وانتهى المجلس بثنائهم وإعجابهم ودعائهم بالموفقية لأن الموضوع شائك وشائق كما قال الدكتور آل يس ، فشكرتهم ثم ودعتهم وخرجت ، وبعد أيام وأنا في النجف الأشرف فاجأني رسول من قبل سماحة السيد الشهرستاني يحمل مظروفاً فيه كتاب كريم يفيض حباً وعاطفة ، وثناءً ودعاء ، وقد نشرت صورته في أول الكتاب تقديراً مني لفضل صاحبه ، واعترافاً مني باداء بعض ما يجب من الذكر والشكر.