المواقف من بعد موت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. كلّ ذلك يصدّق ما قيل من وجود تنسيق وتدبير بينهم وبين بعض نساء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ويوحي بأن ثمة تخطيط وتآمر ، حيث كان تشاور وتحاور ، لاقتناص الخلافة من صاحبها بأي ثمن ، كان ولو على حساب الشرعية والدين.
لذلك لم يكن تخلف من تخلف عن جيش أسامة عفوياً.
كما لم يكن تثاقل أسامة بالخروج عاجلاً عفوياً أيضاً.
ولم يكن تلك المراسلات بين بعض أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين أسامة وبعض من كان معه عفوياً أيضاً.
كلّ ذلك يوحي بضلوع عناصر فاعلة وخطيرة في تلك المؤامرة ، لذلك كان النفر الّذين وردت أسماؤهم يراوحون بيت النبيّ ولا يبارحونه ، وان بارحه الرجال فلهم من نساء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عون وعين.
فهذا كلّه قد أحسّ به صلىاللهعليهوآلهوسلم مضافاً إلى أنّ السماء توحي إليه بأخبارهم ، ثمّ تأمره بتنفيذ أمر الله سبحانه ، وإن كلّفه عناءً وجهداً ، ولاقى عناداً ونَصَباً ، فلذلك أتخذ التدبير الحازم والسريع. والأكثر ضماناً للنجاح ـ لو تم ـ فأمر أن يأتوه بالدواة والكتف ، ليكتب للأمة كتاباً لن يضلوا بعده أبداً. وتلك الوثيقة هي الحجة الشرعية التحريرية الّتي لا يمكن أن تنكر أو تتناسى كسائر ما سبق منه شفاهاً. وتبقى حجة يحتج بها الخليفة من بعده.
فهذا هو ما أراده النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وهذا هو ما أدركه عمر وبقية من حضر من طائعين وعاصين. فنبذه عمر وتبعه قوم فشاقّوا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في أمره ، وقبله آخرون ودعوا إليه سامعين طائعين.
وهذا هو الّذي لم يخف من بعدُ على الصحابة فرووه كما رأوه.