ومن كان دوره التبليغ ، والتبليغ فقط لأنّ الله سبحانه يقول : ( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ) (١).
فليس من حقّه أن يكون له أيّ دور سوى تبليغ ما أمره الله به ، وقد مرّ التصريح منه صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك حين أعترض عليه جلف جاف في أمر بيعة الغدير لعليّ عليهالسلام : منك أو من الله ؟ فأجاب قائلاً : الله الّذي لا إله إلّا هو. من الله.
وحيث أنّ بيعة الغدير وكتابة الكتاب لو تمت ، كلتاهما كانت لبيعة عليّ عليهالسلام وخلافته ، وهما من واد واحد ، وفي الأولى كان عبداً مأموراً فكذلك هو في الثانية كان عبداً مأموراً ، وأيضاً ليس من حقّ أيّ أحد أن يعترض عليه في تنفيذ أمره.
وإذا لم نقل بهذا فما هو إلّا الإختيار ، وإنّما أراد عليّاً من نفسه لعواطف شخصية ـ والعياذ بالله ـ فلننظر لماذا تلك العواطف ؟
هل كانت نسبية ، فهو قريبه وابن عمه ؟ وهذا غير مقبول ولا معقول ، لأن للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مِنَ العمومة وأبناء العمومة غير عليّ ، وفيهم من هو أكبر سناً من عليّ ، وليس فيهم من تحقد عليه قريش كما كانت تحقد على عليّ لأنّه قتل صناديدهم ووترهم في الله. فلماذا لم يشر إلى أيّ واحد من أولئك الأحياء فيؤهله لأي قيادة أو إمارة أو ولاية لا تصريحاً ولا تلميحاً.
إذن ليست رابطة النسب وحدها هي المرجّح لعليّ دون غيره ، وليس لقاعدة النسب أيّ دور في الترشيح.
ثمّ هل كانت رابطة المصاهرة لأنّه كان صهراً له على أبنته ؟ وهذا أيضاً غير مقبول ولا معقول إذ لم تكن رابطة المصاهرة تكفي للترشيح ، على أنّها ليست أقوى من رابطة القربى.
_______________________
(١) الحاقة / ٤٤ ـ ٤٦.