سبحانك اللّهم إن هذا إلّا بهتان عظيم. وإشفاق عمر على من ؟ أعلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد صدمه بكلمته حتى أغمي عليه ! أم على المسلمين وقد أضاع عليهم نعمة الإعتصام من الضلالة بالكتاب ؟ وكيف يصدق ذلك إنسان في مثل عمر الّذي كان في أخلاقه وألفاظه جفاء وعنجهية ظاهرة ـ كما وصفه أبن أبي الحديد ـ وهو ممّن لايتهم عليه (١) فهل يُصدّق في زعمه ؟ اشفاقاً وحيطةً على الإسلام ؟
وعمر هو الّذي قال فيه الصحابة لأبي بكر حين أراد استخلافه عليهم بعده : « تستخلف علينا فظاً غليظاً ، فلو قد ولينا كان أفظ وأغلظ فما تقول لربك إذا لقيته » (٢).
وعمر هو الّذي خطب في الناس فقال : « بلغني انّ الناس قد هابوا شدتي ، وخافوا غلظتي ، قد كان عمر يشتد علينا ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بين أظهرنا ، ثمّ أشتد علينا وأبو بكر رضياللهعنه والينا دونه ، فكيف الآن وقد صارت الأمور إليه. ولعمري من قال ذلك فقد صدق » (٣).
وهو الّذي وصف الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبته الشقشقية أيامه وطبيعته في الحكم فليرجع إليها.
أهكذا إنسان يمكن أن يوصف بأن ماصدر منه بتلك الغلظة والشدة ، ونبّو الكلمة وجفوة اللهجة ، كان منه ذلك إشفاقاً وحيطةً وخوف الفتنة !! والرسول الصادق الأمين الّذي يسدّده الوحي ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) (٤) ، ويقول
_______________________
(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ١ / ١٨٣ ط محققة.
(٢) كنز العمال ٣ / ١٣٦ ط الأولى.
(٣) اُنظر حياة الحيوان للدميري ١ / ٤٩.
(٤) النجم / ٣ ـ ٤.