(الصورة ٢١) وفيها فدعا العباس بصحيفة ودواة فقال بعض من حضر : « انّ النبيّ يهجر » ثمّ أفاق النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال له العباس : « هذه صحيفة ودواة قد اتينا بها يارسول الله » فقال : (بعد ما قال قائلكم ما قال) ثمّ أقبل عليهم وقال : (احفظوني في أهل بيتي ، واستوصوا بأهل الذمة خيراً ، وأطعموا المساكين ، واكثروا من الصلاة ، واستوصوا بما ملكت أيمانكم ـ وجعل يردّد ذلك صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وإني لأعلم إنّ منكم ناقض عهدي ، والباغي على أهل بيتي).
فتبيّن أنّ الثالثة هي الوصية بأهل بيته فهي الّتي تغصّ بها النفوس فلا تطيق ذكرها أمّا لنُصب أو من خوف الحاكمين ، وإذا عرفنا انّ الساكت هو سليمان الأحول ـ وهو صاحب القول : « أو فنسيتها » ـ عرفنا انّ الرجل كان في أيام الحجاج الّذي كان يطارد سعيد بن جبير حتى القي القبض عليه وهو عائد بمكة ، فلعله كان معه بمكة مختفياً ، أمّا الوصايا الاُخرى فليس فيها ما يدعو للسكوت عنها أو زعم نسيانها.
ولشراح الحديث حول تفسير « ونسيت الثالثة » تشريق وتغريب ، فمنهم من رأى انّها تجهيز جيش أسامة ، ومنهم من قال : « يحتمل انّها قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (لا تتخذوا قبري وثناً) ».
إلى غير ذلك ممّا لا يقره المنطق ، فإنّ كلّ ماذكروه ليس فيه ما يستدعي الكتمان ، والتحايل عليه ، وما ذلك إلّا استهجان بالعقول الواعية.
والّذي يؤكد ما نذهب إليه شهادة ثلاثة من الصحابة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان آخر ما تكلم به هو الوصية بأهل بيته كما قال ابن عمر :