٤ ـ ومنها ما هو أقبح فعلاً من صورتي التزيد السابق والتنقص اللاحق في الحديث ، وذلك كما أجهز عليه جماعة ، فألغوا حديث الكتف الدواة جملة وتفصيلاً ، ولم يذكروا منه سوى وصايا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في آخره كما مرّ في رواية أبي داود في سننه (١) فلا بكاء ابن عباس وتلهفه وأسفه على ما فات الأمة من الخير في الأمن من الضلالة. ولا دعوة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالدواة والكتف. ولا قول عمر : « إنّ النبيّ ليهجر ». ولا قوله : « حسبنا كتاب الله ». ولا وقوع النزاع والتخاصم بين الحاضرين. ولا طرد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لمن شاقّه في أمره وقوله : (لا ينبغي عندي تنازع).
٥ ـ ومنها ما صنعه كثيرون ممّن كتبوا في السيرة النبوية من الغاء الحديث من صفحة السيرة بالمرّة حتى ولم يشيروا إليه بأدنى إشارة ، كما صنع محمّد بن عبد الوهاب. إمام الوهابية ـ في كتاب مختصر سيرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكما فعل مثل ذلك أمين الدويدار في كتابه صور من حياة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. إلى غيرهما من الكتّاب المحدَثين.
فهكذا تعرّض الحديث لعمليات كثيرة من ابتزاز إلى تحريف إلى إجهاز عليه وإلى إهمال. كلّ ذلك إخفاء للحقيقة ، وفات المغرضون أنّ الحقّ أقوى منهم ، ولا يقهر بتلك الأساليب ، ولا تخفى الشمس وإن جلّلها السحاب ، أو لفّها الضباب.
كيف ؟ وأنّى ؟ والحديث ـ كما يقول المثل ـ سارت بذكره الركبان ، فتناقله الرواة قرناً بعد قرن ـ كما مرّ عليك ـ وأخرجه الحفاظ وأئمّة الحديث من أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد ومعاجم اللغة وأسفار التاريخ والسيرة فراجع ما مرّ من ذكر مصادر الحديث.
_______________________
(١) راجع الصورة (٩) من صور الحديث.