آثارها المحزنة من الذاكرة ، كما لا تضيع معالمها مهما تكثرت نزوات الاقلام الماكرة. إذ لولاها لما استولت على المسلمين الحكومات الجائرة وحتى الكافرة.
قال المعلمي في الأنوار الكاشفة : « تكلم بعض المتأخرين في هذا الحديث وذكر أنّه لو كانت الواقعة بنحو هذه الصورة لما أغفل الصحابة ذكرها والتنويه بشأنها ، فما باله لم يذكرها إلّا ابن عباس مع أنّه كان صغيراً يومئذٍ. ويميل هذا المتأخر إلى أنّها كانت واقعة لا تستحق الذكر تجسمت في ذهن ابن عباس واتخذت ذاك الشكل ... ا ه » (١).
أقول : ولايهمنا معرفة ذلك البعض النكرة وإنّما الّذي يهمنا تنبيه القرآء على حكمة إطالتنا الحديث حول ذلك الحديث بدءاً من الصحابة الّذين رووه وهم الإمام عليّ وعمر وجابر وابن عباس ، ومروراً بصور الحديث وانتهاء بما قاله علماء التبرير حوله ، ومع كلّ ذلك ينقّ بعض النكرات من المتأخرين ، ويميل إلى (انّها واقعة لاتستحق الذكر تجسّمت في ذهن ابن عباس واتخذت ذاك الشكل).
كيف لاتستحق الذكر ! ومنها كان المنطلق نحو الخلافة ، وعليها بنى أصحاب النص ادّعاءهم ، وبها هدموا على أصحاب الاختيار بناءهم.
قال سليم بن قيس الهلالي ـ تابعي جليل ـ : « إنّي كنت عند عبد الله بن عباس في بيته وعنده رهط من الشيعة ، فذكروا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وموته ، فبكى ابن عباس وقال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم الاثنين ـ وهو اليوم الّذي قبض فيه ـ وحوله أهل بيته وثلاثون رجلاً من أصحابه : (أيتوني بكتف اكتب لكم فيه كتاباً لن
_______________________
(١) الأنوار الكاشفة / ٥٨ ط السلفية.