تضلوا بعدي ، ولن تختلفوا بعدي ...) ، فقال رجل : إن رسول الله يهجر (!) ، فغضب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : (إنّي أراكم تخالفوني وأنا حي فكيف بعد موتي) ؟ فترك الكتف.
قال سليم : ثمّ أقبل عليَّ ابن عباس فقال : يا سليم لولا ما قال ذلك الرجل لكتب لنا كتاباً لا يضل أحد ولا يختلف.
فقال رجل : يابن عباس ، ومن ذلك الرجل ، فقال : ليس إلى ذلك سبيل ، فخلوت بابن عباس بعد ما قام القوم فقال : هو عمر ، فقلت : صدقت ، قد سمعت عليّاً وسلمان وأبا ذر والمقداد يقولون : أنّه عمر ، فقال : ياسليم اكتم إلّا من تثق به من اخوانك ، فإنّ قلوب هذه الأمة أشربت حبّ هذين الرجلين كما أشربت قلوب بني إسرائيل حبّ العجل والسامري » (١).
فهذا الخبر يدلّ بتكرار المحاولة مرة أخرى يوم الاثنين ، يوم وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وتكرّر الموقف من عمر ، وليس ذلك ببعيد ، لأن الموقف دقيق والظرف حسّاس ولولا كلمة عمر لما أصاب الأمة ما أصابها.
فهلمّ وأقرأ ما قاله أحمد أمين في كتابه : « وقد أراد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في مرضه الّذي مات فيه أن يعيّن من يلي الأمر من بعده ، ففي الصحيحين أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا احتضر قال : (هلمّ أكتب لكم كتاباً لاتضلوا بعده) وكان في البيت رجال منهم عمر بن الخطاب فقال عمر : انّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله ، فاختلف القوم
_______________________
(١) كتاب سليم بن قيس الهلالي ٢ / ٧٩٤ ط الهادي سنة ١٤١٥ تح الشيخ محمّد باقر الأنصاري.