اليومين ـ الخميس والاثنين ـ من أحداث تتابعت بعنفها على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى تبرّم بأصحابه وسأم منهم وتمنى أن يريحه الله منهم.
وإلى القارئ بعض الشواهد على ذلك :
١ ـ في حديث عبد الرزاق في المصنف عن العباس بن عبد المطلب : فقلت : يا رسول الله لو اتخذت شيئاً تجلس عليه ... وفي لفظ المحب الطبري : مكاناً تكلم الناس فيه يدفع عنك الغبار ويردّ عنك الخصم ، فقال النبيّ صلّى الله عليه (وآله) وسلّم : (لأدعنّهُم ينازعونّي ردائي ، ويطؤنَّ عقبي ، ويغشاني غبارهم ، حتى يكون الله يريحني منهم). فعلمت أنّ بقاءه فينا قليل (١).
وفي لفظ البزار في مسنده « قال : (لا أزال بين أظهرهم يطأون عقبي وينازعون ردائي حتى يكون الله يريحني منهم) » (٢).
وليس من شك في أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد الكناية بقوله : (ينازعونّي ردائي) يعني منازعتهم له فيما هو له ومن حقه واختصاصه كاختصاصه وحقه بردائه ، ولكنهم نازعوه وجاذبوه ، فهو يريد أن يوحي بالأمر ويقول : (هلمّ أكتب لكم) وهم يقولون : انّه هجر. كما أنّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (ويطؤن عقبي) كناية عن مبلغ تعدّيهم على من يخلّف بعده ، حتى وكأنّهم يطؤنّ عليهم بأقدامهم سحقاً لهم وإبعاداً لهم عن الساحة.
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (ويغشاني غبارهم) كناية عمّا يلحقه من شدة الأذى والعنَت فيتأثر لما يصيب أهل بيته وعقبه من ظلم كما يتأثر الإنسان إذا غشيه الغبار. وغير
_______________________
(١) المصنف ٥ / ٤٣٤ ، قارن سنن الدارمي / ٢١ ، وذخائر العقبى / ٢٠٤.
(٢) قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ٢١ : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.