قال : فانصرف عمر فقال لعبد الله بن زمعة : يا بن أخي أمرك رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم أن تأمرني ؟
قال : فقلت لا ولكني لما رأيتك لم أبغ مَن وراءك ، فقال عمر : ما كنت أظن حين أمرتني إلّا أنّ رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم أمرك بذلك ، ولولا ذلك ما صليت بالناس ، فقال عبد الله لمّا لم أر أبا بكر رأيتك أحق من غيره بالصلاة.
فظهر من هذه الرواية أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يأمر أحداً بعينه حين آذنه بلال بالصلاة.
وأنّ جميع ما جرى كان من تصرّف عبد الله بن زمعة الشخصي ، ولذا عاتبه عمر على ذلك. كما ظهر أنّ الراوي كان هواه مع أبي بكر وعمر ، فهو رأى اُناساً غيرهما فلم يكلمهم ، لماذا (؟) وهو ما إن رأى عمر فلم يبغ مَن وراءه ، لماذا ؟ وهو الّذي كشف عن دخيلة هواه حين قال لعمر : لما لم أر أبا بكر رأيتك أحق من غيره بالصلاة ، لماذا ؟ ولنا أن ندرك ما تزيّده على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فنسب إليه قوله لما سمع صوت عمر فأخرج رأسه حتى أطلعه الناس من حجرته فقال : لا لا لا ليصل بهم ابن أبي قحافة. يقول ذلك رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم مغضباً. وعبد الله بن زمعة هذا استشهد يوم الدار مع عثمان (١) ، فهو غير متهم عند من يحتج بأمثاله في مثل المقام ، وقد تبين لنا أنّه لم يكن أمرٌ من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أحد بعينه يقوم مقامه في الصلاة بالمسلمين. وهذا ما سيأتي عن الإمام عليّ عليهالسلام أيضاً.
_______________________
(١) تقريب التهذيب لابن حجر ١ / ٤١٦.