وديني وأدبي ممتاز ، وأصبحت في عهده تتمتع بتوجيه عربي عام في أواخر القرن السادس وأوائل السابع حين ظهر الإسلام (١).
فكان قصي أول رجل من بني كنانة أصاب ملكاً ، وأطاع له به قومه فكانت إليه الحجابة ، والرفادة ، والسقاية ، والندوة ، واللواء ، والقيادة ، وفي ذلك يقول حذافة بن غانم الجحمي يمدحه :
أبوهم قصيٌّ كان يدعى مجمّعا |
|
به جمع الله القبائل من فهر (٢) |
فحاز قصي شرف مكة وأنشأ (دار الندوة) وفيها كانت قريش تقضي أمورها ، ولم يكن يدخلها من قريش من غير ولد قصي إلّا ابن أربعين سنة للمشورة ، وكان يدخلها ولد قصي كلهم أجمعون ، وحلفاؤهم (٣).
وكان عبد مناف بن قصي قد شرف في زمان أبيه وذهب شرفه كل مذهب ، ولم يبلغ بنو قصي ولا أحد من قومهم من قريش ما بلغ عبد مناف من الذكر والشرف ، وبدت بوادر تنذر بالشر نتيجة الحسد ، فأجمع قصي أن يقسم أمور مكة الستة التي فيها الذكر والشرف والعز بين ابنيه ، عبد الدار ـ وهو أكبر بنيه ـ فأعطاه السدانة وهي الحجابة ودار الندوة ، واللواء ، وأعطى عبد مناف السقاية ، والرفادة والقيادة (٤).
وهكذا امتازت مكة عن غيرها بنحو من التنظيم الذي سنّه قصيّ ، والذي يكفل لقريش وأبنائه مكان الزعامة والصدارة ما قاموا بتلك الشؤون.
_______________________
(١) دور الحجاز في الحياة السياسية العامة / ١٦ د. أحمد إبراهيم الشريف.
(٢) تاريخ مكة للأزرقي / ١٠٧ ـ ١٠٨.
(٣) نفس المصدر / ١٠٩ ـ ١١٠.
(٤) نفس المصدر / ١١٠.