فأراد قومنا قتل نبيّنا واجتياح أصلنا ، وهموا بنا الهموم وفعلوا بنا الأفاعيل ومنعونا العَذبَ الماء وأحلِسونا الخوف ، واضطرونا إلى جبل وعر ، وأوقدوا لنا نار الحرب ، فعزم الله لنا على الذبّ عن حوزته والرمي من وراء حومته ، مؤمننا يبغي بذلك الأجر ، وكافرنا يحامي عن الأصل ، ومن أسلم من قريش خلوٌ ممّا نحن فيه ، بحلف يمنعه أو عشيرة تقوم دونه ، فهو من القتل بمكان أمنٍ (١).
ومن أصدق من علي وصفاً ، وهو الذي كان مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم منذ نعومة أظفاره ، فقد كفله عنده منذ أصابت قريشاً أزمة شديدة ـ كما يقول مجاهد راوي الحديث ـ وكان أبو طالب كثير العيال ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم للعباس ـ وكان من أيسر بني هاشم ـ (يا عباس انّ أخاك أبا طالب كثير العيال وقد ترى ما أصاب الناس من هذه الأزمة ، فانطلق بنا فلنخفف عنه من عياله آخذ واحداً من بنير وتأخذ واحداً فنكفيهما عنه) ، فقال العباس : نعم فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له : انّا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه ، فقال لهما : إنّ تركتما لي عقيلاً فاصنعا ما شئتما ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّاً فضمّه إليه ، وأخذ العباس جعفراً فضمه إليه ، فلم يزل علي بن أبي طالب عليهالسلام مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى بعثه الله نبياً فاتبعه عليّ فأقرّ به وصدّقه ، ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه (٢).
_______________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ٣ / ٣٠٣.
(٢) نفس المصدر ٣ / ٢٥١ ، وروضة الواعظين / ٨٦ ط الحيدرية.