قوله ( فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ) [ ٢١ / ٨٧ ] جمعت الظُّلُمَاتُ لشدة تكاثفها ، فإنها ظُلْمَةُ بطن الحوت ، وظُلْمَةُ الليل ، وظُلْمَةُ البحر. قِيلَ : وَظُلْمَةُ الْحُوتِ الَّذِي الْتَقَمَ الْحُوتَ الْأَوَّلَ.
وَاخْتُلِفَ فِي مُدَّةِ مَكْثِهِ فِي بَطْنِهِ ، فَقِيلَ : سَبْعَ سَاعَاتٍ ، وَقِيلَ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ ، وَقِيلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَقِيلَ : أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْماً ، وَقِيلَ أَرْبَعِينَ ، يَتَرَدَّدُ بِهِ فِي مَاءِ دِجْلَةَ.
وَفِي الدُّعَاءِ « سُبْحَانَ اللهِ جَاعِلِ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورِ » أي الليل والنهار والجنة والنار ، وإنما قدم الظُّلُمَاتُ لأن الله تعالى خلقها قبل النور.
والظلمة : خلاف النور. والظُّلُمَةُ ـ بضم اللام ـ لغة فيه ، والجمع ظُلَم كغرفة وغرف. وظُلُمَات كغرفات.
وقد أَظْلَمَ الليل ، والظَّلَام : أول الليل
والظَّلْمَاء : الظُّلْمَةُ.
وليلة ظَلْمَاء أي مُظْلِمَة.
وظَلِمَ الليل بالكسر وأَظْلَمَ بمعنى
وأَظْلَمَ القوم : دخلوا في الظَّلَام.
ومنه قوله تعالى ( فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ ) [ ٣٦ / ٣٧ ] أي داخلون في الظَّلَام.
وَفِي صِفَاتِهِ تَعَالَى « الَّذِي صَدَقَ فِي مِيعَادِهِ وَارْتَفَعَ عَنْ ظُلْمِ عِبَادِهِ ».
قال ابن أبي الحديد في شرح هذه العبارة : هذا هو مذهب أصحابنا المعتزلة عن أمير المؤمنين عليهالسلام أخذوه ، وهو أستادهم وشيخهم في العدل والتوحيد ، فأما الأشعرية فإنها وإن كانت تمنع عن إطلاق القول بأن الله يَظْلِمُ العباد إلا أنها تعطي المعنى في الحقيقة لأن الله عندهم يكلف العباد ما لا يطيقون ، وذلك لأن القدرة عندهم مع الفعل ، فالقاعد عندهم غير قادر على القيام ، وإنما يكون قادرا على القيام عند حصول القيام ويستحيل عندهم أن يوصف الباري تعالى بإقدار العبد القادر على القيام وهو مع ذلك مكلف له أن يقوم. وهذا غاية ما يكون من الظُّلْم سواء أطلقوا هذه اللفظة عليه أم لم يطلقوها.
والاسم : ظُلْم من ظَلَمَهُ ظُلْماً من باب ضرب.
والظَّالِم : من يتعد حدود الله تعالى بدليل قوله تعالى ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ