ابْنُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله.
( ظنن )
قوله تعالى ( إِنْ نَظُنُ إِلَّا ظَنًّا ) [ ٤٥ / ٣٢ ] أي ما نَظُنُ إلا ظَنَّاً لا يؤدي إلى اليقين.
وقد جاء الظَّنُ بمعنى العلم قال تعالى ( أَلا يَظُنُ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ ) [ ٨٣ / ٤ ]
وعن بعضهم أنه قال : يقع الظَّنُ لمعان أربعة.
منها معنيان متضادان ، أحدهما الشك ، والآخر اليقين الذي لا شك فيه فأما معنى الشك فأكثر من أن يحصى شواهده.
وأما معنى اليقين فمنه قوله تعالى ( وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً ) [ ٧٢ / ١٢ ] ومعناه علمنا.
وقال تعالى ( وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها ) [ ١٨ / ٥٤ ] ومعناه فعلموا بغير شك ، قال الشاعر :
رب أمر فرجته بغريم |
|
وغيوب كشفتها بِظَنُونٍ |
ومعناه كشفتها بيقين وعلم ومعرفة وَفِي حَدِيثِ وَصْفِ الْمُتَّقِينَ « وَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ رَكَنُوا إِلَيْهَا ، وَظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبُ أَعْيُنِهِمْ » يعني أيقنوا أن الجنة معدة لهم بين أيديهم.
والمعنيان اللذان ليسا بمتضادين ( أحدهما ) الكذب و ( الآخر ) التهمة ، فإذا كان بمعنى الكذب قلت ظَنَ فلان أي كذب ، وقال تعالى ( وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) [ ٢ / ٧٨ ] ومعناه إن هم إلا يكذبون ، ولو كان بمعنى الشك لاستوفى منصوبيه أو ما يقوم مقامهما.
وأما بمعنى التهمة فهو أن تقول : ظَنَنْتُ فلانا ، فيستغنى عن الخبر لأنك تريد التهمة.
وَفِي الْحَدِيثِ « اتَّقُوا ظُنُونَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ اللهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ » قال الشارح : وذلك لصفاء سرائرهم وتلقيهم السوانح الإلهية بأفكارهم الصافية وحدوسهم الصائبة فلا تنطق ألسنتهم إلا بالحق ، وعن أمارات صادقة.
وَفِيهِ « أَنَّ اللهَ عِنْدَ ظَنِ عَبْدِهِ » ومثله « أَنَا عِنْدَ ظَنِ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ » أي عند يقينه بي في الاعتماد على الاستيثاق بوعدي