أجسادهم الكثيفة فإذا نظر عبد إلى نفسه لم ير روحه كما أن لام الصمد لا تتبين ولا تدخل في حاسة من حواسه الخمس ، فإذا نظر إلى الكتابة ظهر له ما خفي ولطف. فمتى تفكر العبد في ماهية البارئ وكيفيته أله فيه وتحير ولم تحط فكرته بشئ يتصور له لأنه عزوجل خالق الصور ، فإذا نظر إلى خلقه ثبت له أنه عزوجل خالقهم ومركب أرواحهم في أجسادهم. وأما الصاد فدليل على أنه عزوجل صادق ، وقوله صدق ، وكلامه صدق ، ودعا عباده إلى اتباع الصدق بالصدق ، ووعد بالصدق دار الصدق. وأما الميم فدليل على ملكه وأنه عزوجل الملك الحق لم يزل ولا يزال ، ولا يزول ملكه وأما الدال فدليل على دوام ملكه وأنه عزوجل دائم ، تعالى عن الكون والزوال بل هو عزوجل مكون الكائنات ، الذي كان بتكوينه كل كائن.
وقد أخرجت هذا الحديث بتمامه في تفسير « قل هو الله أحد » في كتاب التوحيد (١)
( باب )
* ( معنى قول الأئمة عليهمالسلام ان الله تبارك وتعالى شئ ) *
١ ـ أبي ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن العباس بن عمرو الفقيمي ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال للزنديق ـ حين سأله عن الله ما هو؟ ـ قال : هو شئ بخلاف الأشياء ارجع بقولي شئ إلى إثبات معنى وأنه شئ بحقيقة الشيئية غير أنه لا جسم ولا صورة (٢).
٢ ـ أبي ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن عيسى ، عمن ذكره ، رفعه إلى أبي جعفر عليهالسلام أنه سئل أيجوز أن يقال : إن
__________________
(١) راجع كتاب التوحيد للمؤلف ص ٩٢.
(٢) « هو شئ بخلاف الأشياء » أي موجود لا كسائر الموجودات التي هي ممكنات بل بحقيقة الشيئية وهي حقيقة الوجود التي لا تقتضي حدا ولا نهاية والحدود والنقائص إنما هي من لوازم المهيات الممكنة ، وحيث انه وجود صرف وشيئية محضة وإنية بحتة لا يقتضى حدا ولا ينتهى إلى طرف فليس بمادة ولا صورة منطبعة فيها ولا مفارقة إياها. ( م )