ومن شرائط الأدلّة : معرفة الأشكال الاقترانية والاستثنائية وما يتوقّف عليه من المعاني المفردة وغيرها. ولا يشترط الاستقصاء في ذلك بل يقتصر على المجزئ منه ، وما زاد عليه فهو مجرّد تضييع للعمر وترجئة للوقت.
والمعتبر من الكتاب الكريم : معرفة ما يتعلّق بالأحكام وهو نحو من خمسمائة آية ، إمّا بحفظها أو فهم مقتضاها ليرجع إليها متى شاء ، ويتوقّف على معرفة الناسخ منها من المنسوخ ولو بالرجوع إلى أصل يشتمل عليه.
ومن السنّة : جميع ما اشتمل منها على الأحكام ولو في أصل مصحّح رواه عن عدل بسند متّصل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام * ويعرف الصحيح منها والحسن والموثّق والضعيف والموقوف والمرسل والمتواتر والآحاد ، وغيرها من الاصطلاحات الّتي دوّنت في دراية الحديث ، المفتقر إليها في استنباط الأحكام ، وهي امور اصطلاحيّة
______________________________________________________
* واعترضه في الحاشية ، فقال ، أقول : الاطّلاع على جميع السنّة المتعلّقة بالأحكام إنّما يتّجه على قاعدة العامّة : من أن النبيّ صلىاللهعليهوآله ما أودع أسرار الدين عند أحد ، بل كلّ ما جاء به أظهره بين يدي أصحابه. وأمّا على قاعدة الإماميّة أنّه أظهر ما احتاجت إليه الامّة في زمانه وأودع الباقي عند أهل بيته عليهمالسلام فلا يتّجه أصلا.
أقول : إن النّبيّ صلىاللهعليهوآله لا يجوز له ان يخفي الدين الّذي امر بتبليغه عن أحد من الناس بعد قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) وقوله : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) وإنّما الّذي لم يستوعب إظهاره لو سلّم عدم إظهاره لسائر الناس في زمانه فقد دلّهم على أخذه من أهل بيته من الأحاديث الدالّة عندنا وعند المخالفين الّتي لا تنكر من التمسّك في الدين بالكتاب والعترة ـ أهل بيته ـ وأنّهم النجاة من الضلال ، فكيف يليق نسبة الرسول إلى إخفاء بعض شريعة المكلّفين وهو مأمور بالتبليغ إلى الإنس والجنّ وقد عرّفهم علم ما لا يعلمونه؟ أو يشتبه [ يشبّه خ ] عليهم بالرجوع فيه إلى الكتاب وأهل بيته؟ وأمّا ما لا يتعلّق بالتكليف من الأسرار والحكم وغير ذلك فلا نزاع في جواز تخصيص الأئمّة به عليهمالسلام على أنّ ما ذكره لا يتوجّه على كلام الشهيد رحمهالله لأنّ العلم الّذي عند الأئمّة المتعلّق بالتكليف أظهروه لشيعتهم فصار احتياجهم إلى معرفته كاحتياج المخالفين في زماننا هذا وغيره ، فكيف ينفي المصنّف الاحتياج إلى ذلك ويعترض به كلام الشهيد رحمهالله.