وبهذا التحقيق الّذي لا تحقيق فوقه فررنا ـ بتوفيق الملك العلّام ودلالة أهل الذكر عليهمالسلام ـ من التزام (١) التسلسل في جانب العلّة ومن التزام قدم بعض الممكنات ، وقد التزمتهما الفلاسفة في ربط الحادث بالقديم في الدورات الفلكية. والسيّد الشريف الجرجاني ومولانا عبد الله اليزدي ومولانا ميرزا جان الشيرازي التزموهما في تعلّقات إرادته تعالى أو غيرها من الامور الانتزاعية منه تعالى.
فإن قلت : من المعلوم : أنّ ذلك الأمر الممتدّ ممكن ، فننقل الكلام إلى علّة أجزائه ليلزم (٢) المحذورات.
قلت : تحقيق المقام : أنّ صلاحية انتزاع ذلك الأمر الممتدّ من صفات الذات له تعالى ، كما أنّ كونه تعالى بحيث لا أوّل لوجوده ولا آخر من صفات الذات له تعالى ، فلم تكن له من الممكنات ، وأمّا نفس ذلك الأمر الممتدّ فهو ممكن حادث في أذهان المنتزعين دفعة واحدة.
فإن قلت : حصص ذلك الأمر الممتدّ لا يمتاز بعضها عن بعض في نفسه ، فكيف يكون بعضها مناط شيء دون بعض؟
قلت : لا نسلّم ذلك ، بل في علم الله تعالى بعضها ممتاز عن بعض في نفسه كحصص الزمان. وبعد اللّتيا والّتي خطرت ببالي طريقة اخرى في ربط الحادث بالقديم أسهل من الّتي تقدّمت وأتمّ ، ومجملها : أنّ مقتضى المصلحة المعلومة له تعالى ايجاد المعلول الأوّل بعد استمرار عدمه الأزلي استمرارا مخصوصا معلوما عنده تعالى ، فتأثير الفاعل موقوف على مضيّ ذلك الاستمرار.
فإن قلت : الكلام إلى علّة مضيّ ذلك الاستمرار.
فنقول : العدم الأزلي واستمراراته ومضيّ تلك الاستمرارات غير محتاجة إلى تأثير فاعل ، فلا تكون محتاجة إلى علّة. ألا ترى أنّه تقرّر عند المحقّقين من الحكماء والمتكلّمين : أنّ معنى تحقّق العدم عدم تحقّق الوجود ، ومعنى تأثير عدم شيء في عدم شيء آخر عدم تأثير الشيء الأوّل في الشيء الثاني. ألا ترى أنّه لو لا
__________________
(١) خ : إيراد.
(٢) خ : لعدم.