بما نذكره فيبقى الباقي على الأصل ، إلى أن يظهر مناف » (١) انتهى.
وإن كان هذا الوجه الأخير لا يخلو عن مناقشة من جهة أنّه بانفراده لا يصلح دليلا على أنّ الكثير الّذي لا ينفعل بالملاقاة هو الكرّ ، إلّا بضميمة الأخبار الفارقة بين الكرّ وما دونه ، ومعه يرجع الحجّة إلى الوجه السابق ، فلا يكون دليلا على حدّة كما لا يخفى.
نعم ، لو كان ما دلّ الأخبار على انفعاله بها مبيّنا ، وقدرا معيّنا بنفس تلك الأخبار فشكّ في حكم ما زاد عليه اتّجه الرجوع إلى الأصل ، ولكنّ المقام ليس منه ، لأنّ تعيين ما علم بانفعاله منوط بتعيين ما لا ينفعل ، ولا يتأتّى ذلك إلّا بالأخبار الفارقة ، وكيف كان فتحديد الكثير بما ذكر قد ورد ـ مضافا إلى ما تقدّم ـ في أخبار كثيرة قريبة من حدّ التواتر.
منها : ما رواه الشيخ في التهذيب في باب آداب الأحداث ، وفي الاستبصار في باب القدر الّذي لا ينجّسه شيء ، في الصحيح عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام إنّه سئل عن الماء تبول فيه الدوابّ ، وتلغ فيه الكلاب ، ويغتسل منه الجنب؟ قال عليهالسلام : « إذا كان الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء ». (٢)
ومنها : نظيره في الكافي في باب الماء الّذي لا ينجّسه شيء ، عن محمّد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الماء الّذي تبول فيه الدوابّ » (٣) الخ.
ومنها : ما رواه الشيخ في التهذيب في زيادات باب المياه ، في الصحيح عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله ، قال : قلت له : الغدير ماء مجتمع تبول فيه الدوابّ وتلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب ، قال عليهالسلام : « إذا كان الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء والكرّ ستّمائة رطل » (٤).
ومنها : ما رواه في الكافي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا كان الماء في الركي كرّا لم ينجّسه شيء ، قلت : وكم الكرّ؟ قال : ثلاثة أشبار ونصف عمقها في ثلاث أشبار ونصف عرضها » (٥).
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ٣٤.
(٢) ـ الوسائل ١ : ١٥٨ ، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ١ ـ التهذيب ١ : ٣٩ / ١٠٧ و ٢٢٦ / ٦٥١ الاستبصار ١ : ٦ / ١ و ٢٠ / ٤٥.
(٣) الكافي ١ : ٢ / ٢.
(٤) الوسائل ١ : ١٥٩ ، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ٥ ـ التهذيب ١ : ٤١٤ / ١٣٠٨ ـ الاستبصار ١ : ١١ / ١٧.
(٥) الوسائل ١ : ١٦٠ ، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ٨ ـ الكافي ٣ : ٢ / ٤.