سألته عن حبّ ماء وقع فيه أوقية بول ، هل يصلح شربه أو الوضوء؟ قال عليهالسلام : « لا يصلح » (١).
والجواب أوّلا : بأنّه أخصّ من المدّعى لعدم شمول النهي المستفاد من الروايات ماء الحياض.
وثانيا : بكونه منزّلا على ما دون الكرّ بملاحظة الغلبة ، فإنّ الغالب في الإناء أنّها لا تسع الكرّ.
وثالثا : بأنّه لا يصلح للمعارضة لعموم ما دلّ على عدم انفعال الكرّ بالملاقاة ، وإن كان النسبة بينهما عموم من وجه ، لاعتضاد ذلك بعمل المعظم وإعراضهم عن الطرف المقابل ، سلّمنا ولكن أقلّه أنّه لا رجحان للطرف المقابل أيضا ، فيؤول الأمر إلى تساقط العامّين بالنسبة إلى مورد الاجتماع فيرجع في حكمه إلى الاصول ، لبقائها سليمة عن المعارض.
لا يقال : لا عموم في أخبار الكرّ بحيث يشمل الأواني ؛ لأنّ الغالب فيها عدم اتّساعها الكرّ ، فإنّ ذلك معارض بالمثل كما أشرنا إليه في ثاني الأجوبة.
ثمّ اعلم : أنّه ربّما ينزّل كلام المفيد والسلّار على ما يوافق المذهب المشهور ، فيستظهر بذلك الإجماع على عدم الفرق حسبما ادّعيناه ، كما في المدارك (٢) والرياض (٣) والمناهل (٤) وغيره ، وأوّل من فتح هذا الباب العلّامة في المنتهى ، فقال : « والحقّ أنّ مرادهما بالكثرة هنا الكثرة العرفيّة بالنسبة إلى الأواني والحياض الّتي تسقى منها الدوابّ ، وهي غالبا تقصر عن الكرّ » (٥).
ثمّ تبعه بعده صاحب المدارك (٦) وسلك هذا المسلك بعدهما صاحب الرياض (٧) وولده الشريف في المناهل (٨) ، وكتابه الآخر (٩) الحاضر عندنا الآن ، ونسبه في الرياض ١٠ إلى الشيخ الّذي هو تلميذ المفيد ، وحكاه صاحب الحدائق عن بعض مشايخه المحقّقين من متأخّري المتأخّرين فاستبعده قائلا : « بأنّه لا يخفى بعد ما استظهره قدسسره كما يظهر
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٥٦ ، ب ٨ من أبواب الماء المطلق ح ١٦ ـ مسائل عليّ بن جعفر ١٩٧ / ٤٢٠.
(٢) مدارك الأحكام ١ : ٥٢.
(٣) رياض المسائل ١ : ١٣٦.
(٤) المناهل الورقة : ١٠٦ ـ كتاب الطهارة ـ (مخطوط). (٥) منتهى المطلب ١ : ٥٣.
(٦) مدارك الأحكام ١ : ٥٢. (٧ و ١٠) رياض المسائل ١ : ١٣٦.
(٨) المناهل : ١٠٦.
(٩) لم نعثر عليه.