في النفي ، فيكون حاصل معنى الفقرة الاولى : إن كان ما أصاب الإناء شيئا غير مستبين في الماء فلا بأس ، وهذا عين المطلوب.
وأمّا على ما في أكثر النسخ ـ على ما وجدناه في الكافي والتهذيب والاستبصار ـ من رفع « شيء » فيكون « شيء » اسما للفعل الناقص ، وخبره الجملة المستعقبة للظرف الّذي هو متعلّق بها ، أو الظرف والجملة صفة للشيء ، فيكون المعنى ـ بناء على رجوع النفي إلى الخبر أو إلى الصفة ـ : إن كان شيء غير مستبين في الماء فلا بأس ، أو إن كان شيء غير مستبين حاصلا في الماء ، أي إن حصل في الماء شيء غير مستبين فلا بأس ، وهذا أيضا عين المطلوب.
وبما قرّرناه يندفع ما أورد عليه غير واحد بأنّه لا يدلّ على إصابة الدم للماء الّتي هي محلّ الكلام ، قال العلّامة في المختلف : « والجواب أنّه غير دالّ على محلّ النزاع ، لأنّه ليس في الرواية دلالة على أنّ الدم أصاب الماء ، ولا يلزم من إصابته الإناء إصابته للماء ، وإن كان يفهم منه ذلك لكن دلالة المفهوم ضعيفة » (١).
وقد يجاب عنه ـ كما في المختلف أيضا ـ : بأنّه معارض برواية عليّ بن جعفر ـ في الصحيح ـ عن أخيه موسى عليهالسلام قال : سألته عن رجل رعف وهو يتوضّأ ، فيقطر قطرة في إنائه هل يصلح الوضوء منه؟ قال : « لا ». (٢)
وهو كما ترى بمكان من الوهن ، فإنّ الفرق بين القطرة وما لا يدركه الطرف المفسّر في كلام الشيخ برءوس الإبر كما بين السماء والأرض ، فهي معارضة بما ليس من محلّ النزاع في شيء.
ودون هذا الجواب ما قيل أيضا : من أنّ عدم استبانة الدم في الماء لا يقضي بلوغ قطع الدم في الصغر إلى حدّ رءوس الإبر ، فإنّه قد لا يستبين في الماء وهو أعظم ممّا ذكر ، ووجهه : أنّ ذلك مذكور في كلام الشيخ من باب المثال لا من باب الانحصار ، وإلّا فمناط كلامه إنّما هو عدم الاستبانة كائنا ما كان.
__________________
(١) مختلف الشيعة ١ : ١٨٢.
(٢) الوسائل ١ : ١٥٠ ب ٨ من أبواب الماء المطلق ح ١ ـ التهذيب ١ : ٤١٢ / ١٢٩٩.