الخارج ترفع هذا الإطلاق وليست بموجودة ، وإن اريد به الماهيّة بمعنى أنّه ما قام به هذا الوصف بحسب الماهيّة فهي لا ترتفع بالمرّة ، لأنّ الثابت بالأدلّة حينئذ أنّ ماهيّة هذا الوصف في ثبوتها له تتبع الماهيّة المائيّة ، وهي لا تزول بعروض الاستعمال جزما ، فكذلك ما يتبعها لوجود المقتضي وفقد المانع.
هذا مضافا إلى أنّ الأوامر الواردة في دفع الحدث وإزالة الخبث لم ترد إلّا مطلقة ، والأمر ممّا يفيد الإجزاء ، فلو استعمل المستعمل ثانيا في رفع حدث أو إزالة خبث كان إتيانا بالمأمور به على وجهه فيجب إجزاؤه.
وفي حكمه من حيث الطهارة والمطهّرية المستعمل في تعبّد غير حدثي ولا خبثي ، كغسل اليد من نوم الليل أو للتغذّي متقدّما ومتأخّرا ، فإنّه أيضا طاهر ومطهّر للقاعدة الشرعيّة.
فما عن أحمد ـ من العامّة ـ في الحكم الثاني من الروايتين ، أحدهما : المنع ، « لأنّه مستعمل في طهارة تعبّد أشبه المستعمل في رفع الحدث » ليس بشيء ، لبطلان الأصل عندنا ـ كما في المنتهى (١) ـ مع بطلان الصغرى أيضا ، لعدم دخول المفروض في مسمّى الطهارة شرعا.
وقد شاع الاحتجاج على الحكمين معا ، بما في التهذيب عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام « قال : لا بأس أن يتوضّأ بالماء المستعمل ، وقال : الماء الّذي يغسل به الثوب ويغتسل به الرجل من الجنابة لا يجوز أن يتوضّأ به ، وأشباهه ، وأمّا الماء الّذي يتوضّأ به الرجل ، فيغسل به يده ووجهه في شيء نظيف ، فلا بأس أن يأخذه غيره ، ويتوضّأ به » (٢).
وما فيه أيضا عن زرارة عن أحدهما عليهماالسلام قال : « كان النبيّ صلىاللهعليهوآله إذا توضّأ اخذ ما يسقط من وضوئه ، فيتوضّئون به » (٣) وهو في محلّه لو لا قصور سندها بأحمد بن هلال العبرتائي ، المحكوم عليه بالضعف تارة ، وبالغلوّ اخرى ، إلى غير ذلك ممّا قيل فيه وورد في ذمّه ، ويمكن التعويل على روايته الثانية لما عن الغضائري (٤) من أنّه توقّف في
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ١٣٣.
(٢) الوسائل ١ : ٢١٥ ب ٩ من أبواب الماء المضاف والمستعمل ح ١٣ ـ التهذيب ١ : ٢٢١ / ٦٣٠.
(٣) الوسائل ١ : ٢٠٩ ب ٨ من أبواب الماء المضاف ح ١ ـ التهذيب ١ : ٢٢١ / ٦٣١.
(٤) راجع منتهى المقال ١ : ٣٦٢.