الأكل والشرب » ، فإنّ استعماله فيهما محرّم قطعا » (١) ، وعزى ذلك إلى المحقّق الثاني في شرح القواعد (٢) ، وثاني الشهيدين في الروضة (٣) ، وعنه في المسالك : « أنّه حرام مع اعتقاد شرعيّته أمّا بدونه فلا » (٤).
وعن العلّامة في النهاية إرادة المعنى الأوّل ، قائلا ـ بعد الحكم بالتحريم ـ : « إنّا لا نعني بالتحريم حصول الإثم بذلك ، بل نعني عدم الاعتداد به في رفع الحدث » (٥) ، واحتمله صاحب المدارك أخيرا في عبارة الشرائع ، واحتجّ على الاحتمال الأوّل : « بأنّ استعمال المكلّف النجس فيما يعدّه طهارة في نظر الشارع ، أو إزالة للنجاسة يتضمّن إدخال ما ليس من الشرع فيه ، فيكون حراما لا محالة » (٦) وحكي مثل هذا الاحتجاج عن المحقّق الثاني ، قائلا : « بأنّ استعمال المكلّف الماء النجس في الطهارة وإزالة النجاسة ، إدخال لما ليس من الشرع فيه ، فيكون حراما لا محالة » (٧).
فظهر من جميع ما ذكر أنّ القائلين بإرادة الحرمة الشرعيّة مرادهم بها الحرمة التشريعيّة والظاهر أنّ العلّامة في النهاية لا ينكر الحرمة بهذا المعنى ، بل الّذي نفاه إنّما هو الحرمة الذاتيّة ، كما أنّ ظاهر الآخرين أنّهم لا ينكرون الحرمة بمعنى عدم الإجزاء ، كيف والحرمة التشريعيّة ممّا لا يعقل الالتزام بها إلّا مع الاعتراف بعدم الإجزاء في نظر الشارع ، لأنّه الّذي يحقّق موضوع التشريع ويثبته مع علم المكلّف به ، وأمّا الحرمة الذاتيّة فلم نقف على قائل بها بعنوان الجزم واليقين.
نعم ، يستفاد عن المحقّق الخوانساري في شرح الدروس توهّم احتمالها ، حيث أنّه بعد ما تنظّر في احتجاج المحقّق الثاني المتقدّم بقوله : « فيه نظر ، إذ كونه من قبيل الإدخال الّذي يكون حراما ممنوع لا بدّ له من دليل ».
قال : « ويمكن الاستدلال على الحرمة بالمعنى المتعارف في استعمال الماء النجس في الطهارة ، بما ورد كثيرا في أكثر الروايات من النهي عن التوضّي والغسل بالمياه النجسة ، مثل ما ورد في الماء المتغيّر بالنجاسة وغيره ، بحيث يفضي احصاؤه إلى تطويل
__________________
(١ و ٦) مدارك الأحكام ١ : ١٠٦.
(٢) جامع المقاصد ١ : ١٤٩.
(٣) لم نجده في الروضة نعم هو موجود في روض الجنان : ١٥٥.
(٤) مسالك الأفهام ١ : ٢١.
(٥) نهاية الإحكام ١ : ٢٤٦.
(٧) جامع المقاصد ١ : ١٤٩.