الماء في مسألة المتيمّم الداخل في الصلاة ثمّ يجد الماء ، فكما أنّ وجود الماء هناك حالة [اخرى] مغايرة للأولى ؛ فتعلّق النصّ بالاولى لا يوجب استصحابه في الثانية لمكان المخالفة فكذا هنا زوال الوصف حالة ثانية مغايرة للأولى لا يتناولها النصّ المتعلّق بالاولى.
وعلى الاحتمال الثاني يكون من قبيل القسم الثالث » (١) انتهى.
ومحصّل كلامه رفع مقامه : أنّ كون الاستصحاب هنا مرادا به المعنى المعروف المتنازع فيه أو المعنى الآخر المعبّر عنه بإطلاق الدليل مبنيّ على كون حكم النجاسة بالتغيّر متعلّقا بالعنوان دون الفرد ، أو بالفرد دون العنوان ، لكن فيه فساد المبنى في وجه وفساد الابتناء في وجه آخر ؛ وذلك لأنّ العنوان والفرد إن اريد بهما معناهما الظاهر المتعارف وهو المفهوم الكلّي في الأوّل والفرد الخارجي المنطبق عليه في الثاني.
ففيه : فساد المبنى ، لأنّ الفرد لا يتخلّف عن عنوان ولا يخالفه وإلّا لا يكون فردا له ، فكلّ ما اعتبر في العنوان من القيود والصفات لا بدّ من اعتباره في الفرد المطابق له إحرازا لقضيّة الانطباق ، فإذا فرض أنّ منشأ فقد الإطلاق في دليل الحكم كون موضوعه مأخوذا فيه وصف مشعر بالعلّيّة فلا يفترق الحال فيه بين القول بتعلّقه بأصل العنوان مع قطع النظر عن أفراده الموجودة في الخارج وبين القول بتعلّقه بالفرد المنطبق عليه ، لقيام الموجب في كلّ منهما ، فلا يحصل في دليل الحكم على التقدير الثاني إطلاق أيضا بالقياس إلى حالتي وجود الوصف وزواله ليتمسّك به عند طروّ حالة الزوال ، وإلّا لزم كون الفرد المنطبق على العنوان أعمّ من العنوان وهو محال.
هذا مع أنّ المحقّق أنّ الأحكام كائنة ما كانت إنّما تتعلّق بالعناوين دون الأفراد المنطبقة عليها ، والفرد لا مدخل له في متعلّق الحكم إلّا باعتبار الوجود الخارجي من حيث إنّ وجوده في الخارج يتضمّن وجود العنوان ، ومن هنا يظهر فساد ما لو قرّر الاستصحاب بالمعنى المعروف ـ فرارا عن شبهة ارتفاع الموضوع المتقدّم إلى رفعها الإشارة ـ بأنّ : هذا الماء الموجود في الخارج المشار إليه بالإشارة الحسّيّة كان نجسا قبل زوال التغيّر فيحكم عليه بالنجاسة أيضا بعده استصحابا للحالة السابقة في موضوع
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ٢٤٨.