ـ حسبما وجّهناها به ـ فهي أمر عرفي لا يمكن إحرازه بالاستصحاب ، لعدم كون اعتمادهم بمثل هذه الأولويّة في فهم الخطاب معلوما من بنائهم ، وإن لم يكن من هذا الباب فلا محصّل لها إلّا الظنّ العقلي بها ، فيشكل التعويل عليها حينئذ ، وممّا يكشف عن كونها من الأولويّة الظنّية ما تقدّم الإشارة إليه ـ على فرض كونه كذلك في الواقع ـ من أنّ ذلك من باب إجراء ما ثبت في الأصل من الحكم الظاهري في الفرع ، فلا يرجع في الحقيقة إلّا إلى القياس الباطل في مذهبنا.
وثالثها : بول الصبيّ الّذي لم يبلغ كما في الشرائع (١) ، هذا باعتبار المنتهى وأمّا باعتبار المبدأ فالظاهر أنّه الّذي يتغذّى بالطعام ، كما يقتضيه قرينة المقابلة بينه وبين الصبي الّذي لم يتغذّ بالطعام ، وأطلق الصبيّ في المنتهى (٢) لكن في مقابلة الصبيّ الرضيع ، وقيّده في الدروس (٣) بغير الرضيع ، وعنه في الذكرى تفسير الصبيّ بأنّه : « الذي لم يتغذّ باللبن أو اغتذى به مع غلبة غيره » (٤) ، وعن المعتبر تفسير الرضيع : « بمن لم يأكل » (٥) وقضيّة ذلك كون المعتبر في الصبيّ هنا هو الأكل مطلقا ، والاكتفاء به مطلقا محكيّ عن المشهور تارة ، وعن الأكثر اخرى ؛ وعن الأكثر اخرى ؛ وعن جماعة ثالثة ، وعن صريح المختلف (٦) ، وشرح الفاضل (٧) ، وظاهر المقنعة (٨) ، والنهاية (٩) رابعة ، وعن المسالك ـ تبعا لجامع المقاصد (١٠) في تفسير محلّ البحث ـ : « أنّه الفطيم » « والمراد به من زاد سنّه على الحولين » (١١) ، مع تفسيرهما الرضيع بمن كان في الحولين ، وعن ابن إدريس (١٢) تفسير الرضيع هنا بمن كان له دون الحولين ، سواء أكل أو لا ، وسواء فطم أو لا.
ولا مستند لشيء من هذه التفاسير ، مع ما فيها من الاختلاف الفاحش ، ولم يرد في نصوص الباب إلّا لفظا « الصبي » و « الفطيم » ، و « الصبيّ » على ما في المصباح المنير : الصغير (١٣).
__________________
(١) شرائع الإسلام ١ : ١٤.
(٢) منتهى المطلب ١ : ٩٤.
(٣) الدروس الشرعيّة ١ : ١٢٠.
(٤) ذكرى الشيعة ١ : ١٠١ نقلا بالمعنى.
(٥) المعتبر : ١٧. (٦) مختلف الشيعة ١ : ٢٠٥.
(٧) كشف اللثام ١ : ٣٤٠. (٨) المقنعة : ٦٧.
(٩) النهاية ١ : ٢٠٨. (١٠) جامع المقاصد ١ : ١٤٣.
(١١) مسالك الأفهام ١ : ١٩. (١٢) السرائر ١ : ٧٨.
(١٣) المصباح المنير ؛ مادّة « الصبيّ » : ٣٣٢.