وإن اريد به كونه مع ذلك ظاهرا ، فمنعه أوضح ممّا مرّ ، لوضوح ظهور الخطاب في السببيّة ولو من جهة دلالته التنبيهيّة ، كما هو الحال في محلّ المقال.
مع أنّ الظاهر أنّ فرض المعرّفية غير مجد في حسم مادّة الإشكال ، حيث لا فرق بين العلّة والمعرّف إلّا في أنّ الاولى واسطة في الثبوت والثاني واسطة في الإثبات ، على معنى كونه علّة للعلم بالثبوت ، فالمعرّف ما كان علّة تامّة لوجود شيء في الذهن ، وكما أنّه يستحيل استناد وجود شيء في الخارج إلى أكثر من علّة تامّة واحدة ، فكذلك يستحيل استناد وجوده الذهني إلى أكثر من علّة تامّة ، وجواز اجتماع أكثر من دليل واحد في مسألة واحدة لا يقضي بكون العلم الحاصل فيها معلولا لكلّ واحد ، بل العلّة حينئذ إمّا المجموع أو أحدها الغير المعيّن ، مع انتفاء سبق البعض البالغ في العلّيّة أو كونه بالقياس إلى غيره أقوى في التأثير.
فحينئذ ينبغي أن يقال ـ في نظائر المقام مع فرض الاجتماع ـ : بأنّ وقوع كلّ معرّف سبب للعلم بوجود معرّفه الواقعي وإن لم نعرفه بعينه ، سواء كان نفس الحكم الشرعي أو ما هو علّة له في الواقع ، حتّى أنّه إذا اجتمع هناك معرّفان نقول : بتحقّق معلومين وهكذا ، بل هذا ممّا لا بدّ منه على قياس ما هو الحال على فرض العلّيّة الواقعيّة ، نظرا إلى أنّ كلّ واسطة في الثبوت واسطة في الإثبات أيضا ، فبتعدّد العلّة يتعدّد المعلوم الّذي هو المعلول الواقعي.
ولا ريب أنّ المعلوم بعنوان كونه معلولا لا يتعدّد إلّا إذا أثّر كلّ علّة بوجودها في وجود معلولها ، وهو ملزوم للعلم بالوجود ، وهكذا يقال في المعرّف وإن لم يكن المعلوم المتعدّد معلولا له.
وبالجملة تعدّد المعرّف بظاهر الخطاب بتعدّد التعريف ، وهو لا يعقل إلّا مع تعدّد المعرّف ، والقول بكون الكلّ للتعريف إلى معرّف واحد خلاف ظاهر الخطاب القاضي بكون كلّ معرّفا تامّا.
وبالتأمّل فيما ذكرناه يندفع ما يقال ـ في تأييد الحمل على التعريف من ـ : أنّه إذا كان ظاهر الدليل اتّحاد المسبّب ـ ولو نوعا ـ كما هو المفروض ، فلا حاجة إلى ارتكاب تعدّده الشخصي بتعدّد الأشخاص ، بل ينبغي حمل السبب على المعرّف.