في البئر ولو برجوعات متعدّدة ، واضح الضعف ؛ بعد ملاحظة ما بيّنّاه من قاعدة السببيّة.
وأضعف منه ما في كلام بعض المشايخ من : « أنّ الدليل لمّا دلّ على أنّ العذرة ينزح لها خمسون دلوا وكانت ماهيّة صادقة على القليل والكثير ، واشتغل الذّمّة بالنزح بالوقوع الأوّل وجاء الوقوع الثاني انقلب الفرد الأوّل إلى الثاني ، فصارت مصداقا واحدا للماهيّة ، وهكذا كلّما يزداد فيدخل تحت قوله عليهالسلام : « العذرة المذابة ينزح لها خمسون » وليس هذا إلّا كتعدّد النوع الواحد من الحدث الأصغر أو الأكبر ، كالبول مرّات والجنابة مرّات » (١) انتهى.
ولعلّه قدسسره فرض الكلام فيما يقع مستمرّا على وجه يكون أجزاؤها الواقعة متواصلة أو متفاصلة بفصل غير معتدّ به ، وإلّا فلا يرجع إلى محصّل ، فإنّ الواقع بالوقوع الأوّل قد وقع بوصف أنّه مؤثّر تامّ فلا بدّ له من أثر لا محالة ، ثمّ إذا جاء الوقوع الثاني فإمّا أن ينعقد به مع قطع النظر عن الأوّل المؤثّر التامّ أو لا ، وعلى الأوّل فما معنى الانقلاب؟ وأيّ شيء أوجب وحدة المصداق؟ مع أنّه عند التحقيق غير معقول بملاحظة أنّ الواقع أوّلا قد انعدم بعد وقوعه بالاستهلاك ، والواقع ثانيا حين وقوعه موجود ، وكيف ينعقد المعدوم مع الموجود مصداقا واحدا لماهيّة.
ثمّ أيّ فائدة في ذلك الانقلاب ووحدة المصداق إلّا قيام الأثر بهما معا ، وهو خلاف فرض كونهما مؤثّرين تامّين ؛ مع أنّه غير معقول أيضا ، إذ الأثر قد استكمل بالأوّل فتوجّه الثاني أيضا إليه توارد للعلّتين التامّتين على معلول واحد.
إلّا أن يقال : بكون ترتّب الأثر على الأوّل معلّقا على لحوق الثاني وهو خلاف ما فرضناه أوّلا كما لا يخفى.
وعلى الثاني فعدم التأثير إمّا لقصور في الواقع ، بدعوى : أنّه فاقد للماهيّة الّتي علّق عليها التأثير ، أو فاقد للخصوصيّة الثابتة في الواقع الأوّل. أو لقصور في المحلّ ، بدعوى : أنّه لا يتأثّر إلّا إذا كان فارغا عن أثر مؤثّر آخر.
ولا سبيل إلى شيء منها ، لقيام الضرورة بوجود الماهيّة ، كيف لا وأنّ الكلام على هذا الفرض دون غيره ، وضرورة عدم مدخليّة الخصوصيّة المتعيّنة في صلاحية التأثير
__________________
(١) جواهر الكلام ١ : ٤٩٤.