وتحقّق صدق اسم الكلّ لا يصلح رافعا لحكم حادث قبله ، وإنّما هو موجب لحدوث حكم غير حادث لو لا المانع ، وهو هنا غير معقول لما عرفت من كون المغايرة بين الكلّ والأبعاض اعتباريّة ، ومعه لا يتعدّد مقتضاهما.
إلّا أن يدفع : بأنّ الحكم بلحوق الجزء بالكلّ كان مبنيّا على الاحتياط ، بناء على عدم صدق اسم الكلّ على الجزء ، وتضاعف النزح على تقدير تعدّد الجزء الغير البالغ حدّ الكلّ أيضا كان مبنيّا على ذلك ، فالاستصحاب المذكور النافي لاحتمال زوال الحكم الأوّل استصحاب في حكم الاحتياط ، فهو حكم ظاهري في حكم ظاهري ، وصدق الاسم حيثما تحقّق إنّما يعطي الحكم الواقعي ولو بملاحظة دليل اجتهادي ، ومن البيّن ارتفاع الحكم الظاهري بانكشاف الحكم الواقعي وحدوثه.
لكن إنّما يستقيم ذلك بعد تسليم قضيّة الصدق ، وإلّا فللمناقشة فيه مجال واسع ، لوضوح مدخليّة تواصل الأعضاء في صدق اسم الحيوان بعنوان الحقيقة أو المجاز القريب.
والأولى في كلّ من الجزء والجزءين فصاعدا وتمام الأجزاء اعتبار ما تقدّم عن صاحب المعالم (١) من الاكتفاء بأقلّ الأمرين من مقدّر الكلّ ومقدّر غير المنصوص ، ودليله الأولويّة.
إلّا أن يقال : بمنع الأولويّة ، بل ثبوتها مع تمام الأجزاء أو ما يقرب منه من الأجزاء الناقصة في الإلحاق بغير المنصوص المقتضي عند التعدّد المفروض تعدّد نزح ما يجب لغير المنصوص ، للقطع بأنّ النجاسة الملاقية للماء حينئذ أكثر وأزيد من الملاقية فيما لو وقع الحيوان كاملا متواصلة الأعضاء ، هذا ومع ذلك فالمسألة ليست بخالية عن الإشكال.
وممّا ذكرناه جميعا بان الحكم فيما لو وقع جزءان من إنسانين مثلا ، فعلى القول بإلحاق الجزء بالكلّ يجب نزح مقدّر الإنسان مرّتين ، وعلى القول بإدخاله فيما لا نصّ فيه يجب منزوح ما لا نصّ فيه مرّتين ، وعلى قول صاحب المعالم يجب نزح أقلّ الأمرين من المقدّر للكلّ من كلّ منهما ومن منزوح غير المنصوص ، كذا قيل.
ورابعها : عن الشهيد في الذكرى (٢) أنّه ألحق الحيوان الحامل وذا الرجيع النجس بغيرهما ، إمّا لانضمام المخرج المانع من الدخول في الماء ، أو لإطلاق الأدلّة في تقدير
__________________
(١) فقه المعالم ١ : ٢٧٧.
(٢) ذكرى الشيعة ١ : ٩١.