القول الجمع بين الروايتين حسبما فهمه المشهور.
لكنّك خبير بأنّ هذا الفرق بين القولين تحكّم بحت ، فهما معا إمّا يوافقان المشهور أو يخالفانه ، بناء على أنّهما يهملان صورة التساوي مع رخاوة الأرض المحكوم عليها في كلام المشهور باعتبار السبع.
وأمّا قول الإسكافي : فمستنده ـ على ما حكاه العلّامة في المختلف (١) بعد ما حكى مذهبه المتقدّم ـ رواية محمّد بن سليمان الديلمي عن أبيه فقال [لي] : سألت أبا عبد الله عليهالسلام : « عن البئر يكون إلى جنبها الكنيف؟ فقال : إنّ مجرى العيون كلّها مع (٢) مهبّ الشمال ، فإذا كانت [البئر] النظيفة فوق الشمال والكنيف أسفل منها لم يضرّها إذا كان بينهما أذرع ، وإن كان الكنيف فوق النظيفة فلا أقلّ من اثنى [عشر] ذراعا ، وإن كانت تجاهها بحذاء القبلة وهما مستويان في مهبّ الشمال فسبعة أذرع ... » (٣).
بل الاستناد إلى تلك الرواية صريح عبارته المتقدّمة المذيّلة بقوله : « تسليما لما رواه ابن يحيى عن سليمان عن أبي عبد الله » عقيب ما تقدّم من العبارة.
وأورد عليه : بأنّ الرواية لا تنطبق على كلامه بشيء من النقلين المتقدّمين ، أمّا على ما نقله العلّامة وغيره فلأنّهم نقلوا عنه التباعد بسبعة أذرع في صورة فوقيّة البئر ، مع أنّه ليس في الرواية لذلك أثر.
وأمّا على ما نقلوه من العبارة المتقدّمة ، فلأنّهم نقلوا عنه التفصيل في صورة علوّ البالوعة بالرخاوة والصلابة ، والرواية كما ترى لا تفصيل فيها بشيء من ذلك.
وقد يعتذر له بما يدفع معه هذا الإشكال عن العبارة المنقولة عنه لو كان سديدا ، فيقال : « ولعلّه قدسسره فهم من إطلاق الأرض الرخوة ، لأنّها الغالب ، وتحديده البعد في الصلبة بسبع لرواية الحسن بن رباط ـ المتقدّمة ـ في اعتبار السبع مع فوقيّة البالوعة ، بناء على أنّ المراد بالفوقيّة أعمّ من العلوّ من حيث الجهة ، وحملها على الصلبة لكونها الفرد المتيقّن من الإطلاق كالرخوة في هذه الرواية ، فيطرح ظاهر كلّ بنصّ الآخر » (٤) انتهى.
__________________
(١) مختلف الشيعة ١ : ٢٤٨.
(٢) وفي بعض النسخ : « من » بدل « مع » كما في الوسائل.
(٣) الوسائل ١ : ٢٠٠ ب ٢٤ من أبواب الماء المطلق ح ٦ ـ التهذيب ١ : ٤١٠ / ١٢٩٢.
(٤) كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري رحمهالله ـ ١ : ٢٧٠.