المعتبر (١) ، ومرجعه على هذا البيان إلى منع انحصار الشرط في اتّحاد ذات الموجب ، بل هو أحد الأمرين من اتّحاد الذات واتّحاد الأثر وإن تعدّدت الذات ، ويعلم ذلك عند تعدّد ذات الموجب بقيام دليل من الخارج ، على أنّ هذه الموجبات متّحدة في الاقتضاء والأثر ، والمقام من هذا الباب ، والدليل الخارج هو عدم القول بالفرق بين أنواع النجاسات في اقتضاء الغسل بما يوجب زوالها ، إن ماء ففي الجميع وإن أعمّ منه ففي الجميع.
نعم ، إن كان المقام ولا بدّ من المناقشة فيه ، فالأولى أن يقال : إنّ من شروط قاعدة الحمل كون المطلق والمقيّد تكليفيّين إلزاميّين ، دون وضعيّين ، أو تكليفيّين غير إلزاميّين ، ولعلّه منتف في المقام ، لما هو المقرّر من أنّ الأوامر والنواهي الواردتين في نظائره يراد بها الإرشاد دون الطلب والإلزام ، فهي إرشاد ورد بصورة الطلب ، فتكون مساقها مساق القضايا الوضعيّة ، وهي في الحقيقة قضايا إخباريّة ، ومعه لا تنافي بين مطلقاتها ومقيّداتها ليوجب الاضطرار إلى الحمل.
فالأولى في طريق الاستدلال منع إطلاق الغسل بالقياس إلى ما يحصل منه بالمضاف ، بدعوى : كونه باعتبار اللغة والعرف حقيقة فيما يحصل بالماء ، كما هو مذكور في كلام جماعة من الأصحاب ، فحينئذ لا تنافي بين المطلقات والمقيّدات ، بل المقيّدات على ذلك معتبرة بالقياس إلى المطلقات من باب القرائن المؤكّدة ، بل لا تقييد حينئذ ولا إطلاق ، بل الكلّ مجتمعة على مدلول واحد ، غاية الأمر أنّ الدلالة في البعض من باب النصوصيّة وفي الباقي من باب الظهور لابتنائها فيه على إعمال أصالة الحقيقة كما لا يخفى.
ولعلّه إلى هذا المعنى يشير ما ورد في بعض المعتبرة كقوله : « ولا يجزي في البول غير الماء » (٢) وقوله : « كيف يطهّر من غير ماء » (٣) بناء على كون المراد أنّ الحكم معلّق على الغسل وهو لا يتأتّى بغير الماء ، وقوله : « كيف يطهّر من غير ماء »؟ مبالغة في إنكار تأتّيه بغير الماء ، وليس ذلك إلّا من جهة كمال البعد بين الغسل المعلّق عليه الحكم وما يحصل بغير الماء.
__________________
(١) والصواب : « ما عرفت عن المحقّق » ، لأنّ ما ذكره المحقّق رحمهالله من الجواب بقوله : « أنّه لا قائل هنا بالفرق » ليس موجودا في المعتبر ، بل يكون في المسائل المصريّة كما أشرنا إليه في محلّه.
(٢) الوسائل ١ : ٣١٦ ب ٩ من أبواب الخلوة ح ٦ ـ التهذيب ١ : ٥٠ / ١٤٧.
(٣) الوسائل ٣ : ٤٥٣ ب ٢٩ من أبواب النجاسات ، ح ٧ ـ التهذيب ١ : ٢٧٣ / ٨٠٥.