لهما في هذه المسألة (١).
الثاني : قوله تعالى : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) (٢) ، بتقريب : أنّه تعالى أمر بتطهير الثوب من دون استفصال بين الماء وغيره ، وعنه ـ على ما في المختلف ـ (٣) أنّه اعترض على نفسه بالمنع من تناول الطهارة للغسل بغير الماء.
فأجاب : بأنّ تطهير الثوب ليس بأكثر من إزالة النجاسة منه ، وقد زالت بغسله بغير الماء مشاهدة ، لأنّ الثوب لا يلحقه عبادة.
وأجاب عنه في المختلف : « بأنّ المراد ـ على ما ورد في التفسير ـ لا تلبسها على معصية ولا على غدر ، فإنّ الغادر [و] الفاجر يسمّى دنس الثياب.
سلّمنا : أنّ المراد الطهارة المتعارفة شرعا ، لكن لا دلالة فيه على أنّ الطهارة بأيّ شيء تحصل ، بل دلالتها على [ما قلناه : من] أنّ الطهارة إنّما تحصل بالماء أولى ، إذ مع الغسل بالماء يحصل الامتثال قطعا ، وليس كذلك لو غسل بغيره.
وقوله : « النجاسة قد زالت حسّا » ، قلنا : لا يلزم من زوالها في الحسّ زوالها شرعا ، فإنّ الثوب لو يبس بلله بالماء النجس ، أو بالبول لم يطهر وإن زالت النجاسة عنه ، مع أنّه أجاب حين سئل « عن معنى نجس العين ونجس الحكم » بأنّ : الأعيان ليست بنجسة لأنّها عبارة عن جواهر مركّبة وهي متماثلة ، فلو نجس بعضها نجس سائرها ، وانتفى الفرق بين الخنزير وغيره ، وقد علم خلافه ، وإنّما التنجيس حكم شرعي.
ولا يقال : نجس العين إلّا على وجه المجاز دون الحقيقة ، وإذا كانت النجاسة حكما شرعيّا لم يزل عن المحلّ إلّا بحكم شرعي ، فحكمه رحمهالله بزوالها عن المحلّ لزوالها حسّا ممنوع » (٤) انتهى.
ولا يخفى لطف هذا الجواب خصوصا بعض وجوهه ، وهو منع دلالة الآية على أنّ الطهارة بأيّ شيء تحصل ، فإنّ ذلك في كمال المتانة.
ووافقه على هذا الجواب المحقّق ـ فيما حكي عنه ـ (٥) من « منع دلالتها على ،
__________________
(١) والقائل هو الشيخ الأنصاري رحمهالله في كتاب الطهارة ١ : ٢٩٧.
(٢) المدّثّر : ٤.
(٣) مختلف الشيعة ١ : ٢٢٤.
(٤) المختلف ١ : ٢٢٥ ـ ٢٢٤.
(٥) الحاكي هو المحقّق الخوانساري رحمهالله في مشارق الشموس : ٢٦١.