لا ينصرف عند الإطلاق إلّا إلى أحد فرديه لكونه الغالب ، فيجاب عن النقض تارة : بالفرق بين الانصرافين ، واخرى : بأنّ شمول المطلق أو حكمه لبعض الأفراد النادرة لدليل لا يوجب التعدّي إلى غيره منها.
والرابع : أنّ الغرض من الطهارة إزالة عين النجاسة كما يشهد به ما رواه الفقيه في باب ما ينجّس الثوب والجسد في الصحيح عن حكم بن حكيم الصيرفي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام أبول فلا اصيب الماء ، وقد أصاب يدي شيء من البول ، فأمسحه بالحائط والتراب ، ثمّ يعرق يدي فأمسّ وجهي أو بعض جسدي ، أو يصيب ثوبي؟ قال : « لا بأس به » (١).
وما رواه التهذيب في زيادات باب تطهير الثياب عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليهالسلام عن أبيه عن عليّ عليهالسلام « قال : لا بأس بأن يغسل الدم بالبصاق » (٢).
واجيب عنه ـ كما عن المعتبر ـ (٣) بما يرجع محصّله إلى أنّ : زوال النجاسة بالتراب ممّا لا يقول به الخصم ، وخبر غياث متروك لكون غياث بتريّا ضعيف الرواية فلا يعمل على ما ينفرد به ، أو محمول على جواز الاستعانة في غسله بالبصاق ، فإنّ جواز الغسل به لا يقتضي طهر المحلّ به منفردا ، والبحث فيه.
وكما في الرياض بأنّ : « دعوى التبعيّة مصادرة محضة (٤) ، والخبر مع ضعفه وعدم صراحته لا يقاوم ما قدّمناه ، وهو مع ذلك من طريق الآحاد والسيّد لا يعمل به ، وبه يجاب عن الحسن (٥) ، مع معارضته بما تقدّم من أنّه « لا يجزي في البول غير الماء » مع عدم وضوح الدلالة ، لاحتمال رجوع نفي البأس إلى نجاسة الممسوس لا إلى طهارة الماسّ بذلك ، [وذلك] بناء على عدم العلم بملاقاة المحلّ النجس له وإن حصل الظنّ به ، بناء على عدم اعتباره في أمثاله ، وفي الموثّق : « إذا بلت وتمسّحت فامسح ذكرك
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٠١ ب ٦ من أبواب النجاسات ح ١ ـ الفقيه ١ : ٤٠ / ١٥٨.
(٢) التهذيب ١ : ٤٢٥ / ١٣٥٠ ـ الوسائل ١ : ٢٠٥ ب ٤ من أبواب الماء المضاف ح ٢.
(٣) المعتبر : ٢٠.
(٤) ولا يخفى أنّ هذه الفقرة لا يرتبط بالجواب عن الرواية المبحوث عنها ، بل هي جواب عن دليل آخر على المدّعى الّذي أورده في الرياض بقوله : « وتبعيّة النجاسة للعين ، فإذا زالت زالت ». فلاحظ وتأمّل.
(٥) المراد به رواية حكم بن حكيم الصيرفي الّذي عبّر عنها في الرياض بالحسن. لاحظ رياض المسائل ١ : ١٧٢.