هذا الشيء ممّا سلب عنه الإطلاق لئلّا يجوز استعماله في التطهير ، أو سلب عنه الإضافة ليجوز استعماله في التطهير ، ومن المعلوم أنّ معنى سلب الإطلاق وسلب الإضافة المحتملين هنا بحسب الواقع انقلاب ماهيّة أحد المختلطين بالآخر ، لا مجرّد تغيّر وصف أحدهما بوصف الآخر ، أو بقائه على وصفه الأصلي.
فالمضاف إذا كان على الوصف الأضعف فربّما لا يوجب لضعف وصفه تغيّر وصف المطلق مع احتمال سلب الإطلاق في الواقع ، كما أنّه إذا كان على الوصف الأشدّ فربّما يوجب بشدّة وصفه تغيّر وصف المطلق مع احتمال بقاء الإطلاق السالب لإضافة المضاف بحسب الواقع ، وإنّما يعلم هذا الاختلاف فيما بين الظاهر والواقع في كلّ من القسمين بفرض مضاف آخر متوسّط الوصف متساوي المقدار للمفروض ، مختلطا بمثل ما اختلط به الأوّل من الماء في المقدار ، فإن خالف الأوّل في التأثير والاقتضاء كشف عن كون ما اقتضاه الأوّل من البقاء على الوصف الأصلي أو الخروج عنه مستند إلى الوصف القائم به من جهة ضعفه أو شدّته ، لا إلى ذاته الموجبة عند التأثير لانقلاب الماهيّة ، لاستحالة الاختلاف بينهما في الاقتضاء والتأثير ، مع اتّحاد الذات فيهما ومساواتهما فيما يرجع إلى الذات.
مثلا لو فرضنا ثلاثة أمداد من ماء الورد أحدهما شديد الرائحة والآخر متوسّطها والثالث ضعيفها ، فامتزج كلّ واحد بمدّ من ماء مثلا ، فإن تغيّر وصفه على الأوّلين دون الأخير كشف ذلك عن سلب الإطلاق في الواقع في كلّ من الثلاث ؛ وأنّ بقاء الأخير على وصفه الأصلي إنّما هو لضعف ممزوجه في الوصف لا في الاقتضاء المستند إلى ذاته في ذلك الفرض ؛ وإن تغيّر وصفه على الأوّل دون الأخير كشف ذلك عن بقاء الإطلاق الواقعي في جميع الثلاث ؛ وأنّ خروج الأوّل عن وصفه الأصلي إنّما هو لأجل شدّة ممزوجه في الوصف لا في الاقتضاء المستند إلى ذاته في هذا الفرض.
ونتيجة هذا الاختلاف أنّ الوصف إذا كان ضعيفا فله تأثير في عدم تغيّر الوصف وإن انقلبت معه الماهيّة ، وإذا كان شديدا فله تأثير في تغيّر الوصف وإن لم تنقلب معه الماهيّة ، وعليه فلا عبرة بالأوصاف الضعيفة ولا الأوصاف الشديدة ، بل المعتبر هو الأوصاف المتوسّطة ، لأنّ الوصف المتوسّط على البيان المذكور لا بدّ وأن يغاير