منه ، وإن كان الماء غالبا على النجاسة فتوضّأ منه ، واغتسل » (١).
وأنت خبير بأنّ التعويل على مجرّد ذلك ليس على ما ينبغي ، مع إمكان حمله على غلبة الوصف على حدّ حذف المضاف ، بقرينة سائر الروايات المصرّحة باعتبار الغلبة أو التغيّر في الوصف ، كما في رواية الفقه الرضوي : « إلّا أن يكون فيه الجيف فتغيّر لونه وطعمه ورائحته » (٢) ، ومرسلة مختلف العلّامة : « إذا غلب رائحته على طعم الماء أو لونه فأرقه » (٣) ، وصدر رواية الشهاب : « إلّا أن يغلب الماء الريح فينتن » (٤) ، ورواية العلاء بن الفضيل : « لا بأس إذا غلب لون الماء لون البول » (٥) ، وهكذا إلى آخر الروايات المتقدّمة مع أنّ الاعتماد عليه كما ترى طرح لتلك النصوص أو الظواهر الكثيرة.
فإن قلت : إنّما يلزم ذلك لو كانت الروايات المذكورة منافية له وليس كذلك ، بعد ملاحظة كون اعتبار الأوصاف فيها واردا من باب الكاشفيّة دون المدخليّة.
قلنا : إنّما ينافي ذلك الجمل الشرطيّة الواردة فيها الظاهرة في العلّيّة وارتباط الجزاء بالشرط ربطا مسبّبيّا بسببه التامّ كما قرّر في محلّه ، وقضيّة ما ذكر حمل هذه على إرادة مجرّد الملازمة ، كالّتي بين المتلازمين المتساويين أو المختلفين في العموم والخصوص وهو كما ترى ممّا لا وجه له ولا داعي إليه أصلا ، مع ما ذكرنا من احتمال اعتبار الإضمار فيما ذكر ، ولا ينبغي لأحد أن يعارض ذلك باحتمال التجوّز في القضايا المذكورة.
أمّا أوّلا : فلأنّها أظهر في إفادة السببيّة بمراتب شتّى من ظهور ما ذكر في عدم الإضمار.
وأمّا ثانيا : فلصيرورة هذا الظاهر موهونا بقلّته في الغاية ، وإعراض الأكثر الأشهر عنه فلا يعبأ به جدّا ، ولا أنّه صالح للمعارضة ، مع أنّ ظاهر سياق مجموع الروايات
__________________
(١) نقله في مختلف الشيعة ١ : ١٧٧.
(٢) فقه الرضا : ٩١ ب ٥ ـ مستدرك الوسائل ١ : ١٨٩ ، ب ٣ من أبواب الماء المطلق ح ٧.
(٣) مختلف الشيعة ١ : ١٧٨.
(٤) الوسائل ١ : ١٦١ ، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ١١ ـ بصائر الدرجات ٢٥٨ / ١٣.
(٥) الوسائل ١ : ١٣٩ ، ب ٣ من أبواب الماء المطلق ح ٧ ـ التهذيب ١ : ٤١٥ / ١٣١١ ـ الاستبصار ١ : ٢٢ / ٥٣.