به قائل عدا المقنع (١) ، لما قيل : من أنّه أفتى بمضمونها ، فلعلّها تسقط عن الحجّيّة من هذه الجهة ، هذا مع عدم صلوحها لمعارضة ما يأتي في حجج القول بالطهارة.
ومنها : حسنة هارون بن حمزة الغنوي المتقدّمة المذيّلة بقوله عليهالسلام : « غير الوزغ ، فإنّه لا ينتفع بما يقع فيه » (٢).
وفيه : أنّ عدم الانتفاع بما يقع فيه مبالغة في الكراهة ، وتأكيد في استحباب التنزّه بملاحظة الأخبار المبيحة الآتية ، مع أنّه لا ملازمة بينه وبين النجاسة كما هو محلّ النزاع ، فلعلّه من جهة السمّية أيضا كما عرفت القول به عن التذكرة (٣) واستحسنه المدارك (٤).
ومع هذا كلّه فهي غير صالحة لمعارضة الأخبار المشار إليها ، فإنّها عموما وخصوصا كثيرة جدّا ، فمن الأخبار العامّة صحيحة أبي العبّاس البقباق المتقدّمة (٥) المشتملة على نفي البأس عن فضل أشياء ، منها : الوحش.
ورواية ابن مسكان المتقدّمة (٦) عن الوضوء ممّا ولغ فيه الكلب والسنّور ، أو شرب منه جمل أو دابّة أو غير ذلك ، أيتوضّأ منه أو يغتسل؟ قال : « نعم ، إلّا أن تجد غيره فتنزّه عنه » بالتقريب المتقدّم ، مع عدم قادحيّة خروج الكلب عن مدلولها بدليل ، وحمل الماء على الكرّ ـ مع أنّه مطلق ـ بقرينة ولوغ الكلب بعيد ، فتأمّل.
ومنها : الموثّق عن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام ـ في حديث طويل ـ قال : سئل عن الخنفساء والذباب والجراد والنملة وما أشبه ذلك ، يموت في البئر والزيت والسمن وشبهه؟ قال : « كلّ ما ليس له دم فلا بأس به » (٧).
ورواية حفص بن غياث عن جعفر بن محمّد عليهالسلام قال : « لا يفسد الماء إلّا ما كانت له نفس سائلة » (٨).
ورواية محمّد بن يحيى عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « لا تفسد الماء إلّا ما كانت له
__________________
(١) المقنع : ٣٥.
(٢) الوسائل ١ : ٢٤٠ ب ٩ من أبواب الأسآر ح ٤ ـ التهذيب ١ : ٢٣٨ / ٦٩٠.
(٣) تذكرة الفقهاء ١ : ٤٤.
(٤) مدارك الأحكام ١ : ١٣٧.
(٥) الوسائل ١ : ٢٢٦ ب ١ من أبواب الأسآر ح ٤.
(٦) الوسائل ١ : ٢٢٨ ب ٢ من أبواب الأسآر ح ٦.
(٧ و ٨) الوسائل ٣ : ٤٦٣ و ٣٦٤ ب ٣٥ من أبواب النجاسات ح ١ و ٢ ـ التهذيب ١ : ٢٣٠ و ٢٣١ / ٦٦٥ و ٦٦٩.