وبعد الفهم ، وعدم ظهور الوجوب ، والأصل عدمه ، وليس بظاهر من الآية فالأصل ينفيه ، ولأنّه تحيّة الجاهليّة ، والإسلام نسخه.
وبالجملة الّذي يتبادر من الآية السلام المتعارف بين المسلمين ، ولهذا لا خلاف في وجوب ردّه فهو معنىّ بالآية ، وغيره غير ظاهر كونه مرادا بها ، فيترك بالأصل ، والاحتياط ظاهر لا يترك.
وأيضا الظاهر أنّ كلّ صيغة صحيحة متعارفة في العرف بالقواعد المقرّرة توجب وجوب الردّ مثل السلام فقطّ ، كما هو متعارف بين بعض الناس بحذف الخبر ، فإنّه جائز ، ولصدق التحيّة عليه أيضا على ما فسّرت ، ويحتمل العدم للأصل ، وعدم كونه متعارفا شرعا وعرفا عامّا ، وعدم العلم بكونه مرادا في الآية لأنّها غير صريح في العموم ، لأنّها مهملة ، وإن كان ظاهرها عرفا عامّا ، ثمّ إنّ الظاهر وجوب الردّ بالمثل ، أو بالأحسن كلّيّا لا خلاف فيه ، ويدلّ عليه الأخبار أيضا فالإجماع والخبر مؤيّدان للآية ، والظاهر أيضا أنّه فوريّ على ما يظهر من كلامهم ويدلّ عليه الفاء ، فلو ترك يأثم ويبقى في ذمّته ، مثل سائر الحقوق ، وهذا مؤيّد لفوريّة حقوق الناس فتأمّل ، وليس ببعيد ، لأنّه المتعارف والمطلوب من المسلّم عليه.
وأيضا قالوا : يجب الأسماع وهو أيضا ليس بواضح الدليل ، بل بعض الأخبار الصحيحة صريحة في عدم وجوب الأسماع (١) وأنّه يكفي أن يجيب في نفسه بحيث لا يسمع المسلّم إلّا أن يكون إجماعيّا فتؤوّل الأخبار وأيضا ظاهرهم أنّ الوجوب كفائيّ وظاهر الدليل خلافه بل الوجوب العينيّ ، لأنّه المتبادر من الأمر الّذي للوجوب لأنّه إذا خوطب به كلّ واحد يفهم وجوبه عليهم ، مع عدم دليل مسقط عن البعض يفعل البعض ، لكنّ الظاهر إجماع الأمّة على ذلك ، ولأنّه إنّما سلّم سلاما واحدا ، فليس له إلّا عوض واحد ، ولكنّ الظاهر أنّه إنّما يسقط بفعل من كان داخلا في المسلّم عليهم ، ويكون ذلك مكلّفا بالجواب ، فلا يسقط بردّ من لم يكن كذلك فلو خصّص البعض من جماعة ، لم يجب الردّ إلّا على من خصّص ، ولا
__________________
(١) الفقيه ج ١ ص ٢٤٠.