من الذنب كمن لا ذنب له كما ورد به الأخبار فيكون عدلا بمجرّد التوبة ، فتقبل شهادته بعدها بلا فصل ، لأنّه قرين المتّقين وعطف عليه ، بل يحتمل كونه نفسه كما قلناه ، ولأنّه يبعد ردّ شهادة من شهد له تعالى بالمغفرة وما بعدها فتأمّل ولا يحتاج إلى ضمّ العمل الصالح ، الّذي هو مذكور في بعض الآيات بعد التوبة ، ومذكور في بعض الكتب أيضا مع عدم ظهور معناه ، فقول الشيخ قدسسره «تب أقبل شهادتك» غير بعيد ، إلّا أنّ تعريف العدالة بالملكة لا يساعده فانّ تحقّق ذلك بمجرّد التوبة مشكل ، بعد العلم بعدمها ، فيحتمل كون العمل الصالح إشارة إلى تحقّقها فتأمّل ، ويحتمل الدوام على التوبة ، وعدم الإصرار على الذنب وإرادة عمل مطلق أيّ عمل كان ، مثل تصدّق فلس أو صلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآله.
واعلم أنّ الظاهر أنّه لو فعل أحد صغيرة ثمّ انتهى عنها لم يخرج عن العدالة ولا يحتاج معاشرته والخروج عن نهي المنكر إلى العلم بتوبته ولا يكلّف بذلك على ما ذكرناه من معنى الإصرار والمعنى الأوّل الّذي نقلناه عنهم ، بخلاف الثاني فإنّ العزم والعود مرّة أخرى شرط في وجوب التوبة وصيرورتها كبيرة ، والأصل عدمه بخلاف عدم التوبة فإنّ الأصل تحقّقه ويؤيّده أنّه لم ينقل تكليف فاعل المعصية بها بعد نهيه أو انتهائه عنها ، لا فعلا ولا قولا من العلماء والفقهاء ، بل ظاهر كلامهم أنه لا يجوز نهيه ، بل ذكر أنّه فعل ذنبا بعد الانتهاء وهو كذلك لأنّه ذكر فاحشة وتشنيعها غيبة له نعم يمكن المنع ، وإظهار عدم العود على مثله لو علم منه العزم على ذلك إمّا لجهله بأنّه معصية ، أو علمه مع عدم المبالاة بفعل أمثاله ، وأنّ الترك ليس لكونه منتهيا عنه ، بل عدم الباعث ونحوه.
والظاهر أنّه يحتاج إلى التوبة فعل الكبيرة فمجرّد نهيه وانتهائه عن القبيح لا يكفي حتّى يعلم التوبة والندامة ، ولو لم يعلم لم يسقط وجوب الأمر والنهي بدونها ، ولكن ينبغي الملاحظة التامّة في نهيه ، بحيث لا يحصل له الأذى من غير استحقاق ، وقصد التقرّب والإخلاص ، لا تشهّي النفس والعمل بهواها كما هو معتبر في سائر العبادات والأعمال.