الامّ يتساوون في الميراث وقد مرّ معنى (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ) و (غَيْرَ مُضَارٍّ) كأنّه حال من فاعل يوصي أو الوصيّة لأنّه مصدر ويحتمل عن الوصيّة والدين أيضا يعني أنّ الوصيّة والدين اللّذين هما مقدّمان على الإرث هما اللّذان لا يكون فيهما ضرر على الورّاث مثل القصد بالوصيّة مجرّد حرمان الوارث ، فما قصد وصيّة حقيقة والدين كذلك بأن يستدين دينا غير محتاج إليه فيضيعه للإضرار ، أو يقرّ بدين مع عدمه للإضرار فكلّ ذلك ليس بمقدّم على الإرث إذا علم فيجوز عدم سماع مثل هذه الوصيّة والدين.
قال في مجمع البيان : جاء في الحديث أنّ الضرار في الوصيّة من الكبائر فلعلّ المراد الوصيّة بدين لا حقيقة له فيضيّع أمواله ، لئلّا يصل إلى الوارث شيء وكذا الوصيّة بما يضرّ وليس له حقيقة ، وكذا الإقرار بأنّ عليه كذا أو ليس له على أحد شيء مع وجوده إضرارا بالورثة ، فتأمّل ، ويحتمل أن يراد تغيير الوصيّة وعدم العمل بها «وصيّة» مصدر كفريضة (وَاللهُ عَلِيمٌ) بمصالح عباده ولا يفعل بهم إلّا ما هو خير لهم من قسمة الميراث وتقديم الدين والوصيّة عليه ، وعدم سماع الدين والوصيّة المضرّين (حَلِيمٌ) لا يعاجل العصاة بالعقوبة ، بل يمنّ عليهم بالإنظار والإمهال.
السابعة : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١).
لمّا بيّن في فاتحة السورة بعض السهام وبقي البعض أراد بيانه في خاتمتها فقال (يَسْتَفْتُونَكَ) يا محمّد أي يريدون منك بيان حكم الله في ميراث الكلالة وقد عرفت
__________________
(١) النساء : ١٧٦.