__________________
واتباعه القائلين بثبوت هلال رمضان بشاهد واحد وهلال سائر الشهور بشاهدين وان كانت السماء صاحية واستهل جمع كثيرون ولم يدع الرؤية غير واحد أو اثنين.
وبالجملة لم يكن مبنى القوم في عصر المعصومين (عليهم السلام) على المساهلة والمسامحة في قبول الشهادات برؤية الهلال بل كانوا يشددون فيه وربما أدّى ذلك بهم إلى التأخير في اول الشهر عن وقته الشرعي ، كما يظهر ذلك من خبر لقاء الامام الصادق (ع) مع الخليفة ابي العباس السفاح في الحيرة في يوم الشك من رمضان عند الخليفة الذي كان اول الشهر عند الامام (ع) ، حيث دعاه إلى الاكل فاضطر (ع) إلى الاجابة تقية.
وكيف كان فلا شاهد على ما ادعي من مخالفة الوقوف الرسمي في عرفات والمزدلفة لما تقتضيه الموازين الشرعية في اكثر السنوات ، بل اوضح شاهد على خلاف ذلك هو عدم ورود ذكر لهذه المخالفة في شيء من الروايات صحيحها وسقيمها مع انها متعلقة بجملة من أهم مناسك الحجّ اعني الوقوفين واعمال منى ، وكيف يمكن الاذعان بوقوع الاختلاف في الموقف في غالب الاعوام وإتّباع الشيعة فيها من بيدهم امر الموقف طبقاً للاوامر الصادرة اليهم من قبل الائمة (عليهم السلام) ولا يتمثّل ذلك في شيء من نصوص الحجّ ، في حين انها اشتملت على الكثير من مسائله حتى ما يقلّ الابتلاء به كجملة من مسائل الصيد وكفاراته.
هذا مع ما عُرف من حال الشيعة من انه لم يكن يسهل عليهم إتباع غيرهم في الامور الشرعية والاجتزاء بما يؤدى معهم من العبادات كما يظهر ذلك من النصوص الواردة بشأن الحضور في جماعتهم والصلاة خلفهم مع انه ليس فيها ما يوجب الاخلال بشيء من اركان الصلاة بل ببعض سننها فحسب ، فكيف سهل على الشيعة الوقوف في عرفات وفي المزدلفة والاتيان باعمال منى في غير وقتها الشرعي اتباعاً للعامة ولم يقع ذلك منهم مورداً للسؤال والاستفسار طوال العشرات من السنين ولا سيما في عصر الصادقين (عليهم السلام) ولو وقع لتمثل ذلك في الروايات ، بل كيف كانت هذه المسألة مورداً لابتلاء الشيعة بصورة واسعة في عصر الغيبة الكبرى ولا يوجد ـ حسب ما تتبعناه ـ التعرض لها في كتب الفقهاء المتقدمين إلى عصر الشهيد الثاني ، حتى ان العلامة الحلي في التذكرة والمنتهى والشهيد الاول في الدروس تعرضا لما ذكره بعض فقهاء العامة من (الحكم بعدم الاجتزاء بالوقوف بعرفات في يوم التروية معللاً ذلك بانه لا يقع فيه الخطأ لان نسيان العدد لا يتصور من العدد الكبير) ولم يعقّبا على ذلك بشيء مع انه لو كان الاختلاف في الموقف مما يقع في غالب السنين لعقبوا عليه بان الوقوف في يوم التروية مما يبتلى به الشيعة تقية ممن بيده امر الموقف من العامة ولبحثوا عن الاجتزاء به وعدمه. وبالجملة اننا لم نجد في من تقدم على الشهيد الثاني من طرح هذه المسألة اصلاً واما هو (قده) فقد تعرض لها على سبيل الافتراض والتقدير في باب احكام المصدود من المسالك وحكم بعدم الاجزاء ، ثم لم نجد من تعرض لها من بعده إلى القرن الثالث عشر حيث طرحها بعض فقهائه كالمحقق القمي في جامع الشتات والمحقق آقا محمد علي ابن الوحيد البهبهاني في مقامع الفضل وقد حكم الاول بعدم الاجزاء بينما افتى الثاني بالاجزاء ، وتعرض لذلك صاحب الجواهر ولم يستبعد الاجزاء وقال انه وجده منسوباً إلى السيد بحر العلوم (قده) الا انه بنفسه احتاط في نجاة العباد قائلاً (انه لا يجزي الوقوف معهم على الاحوط ان لم يكن اقوى) وأمضاه الشيخ الاعظم الانصاري والسيد الميرزا الشيرازي ، وحكم بعدم الاجزاء أيضاً كل من السيد حسين الكوهكمري والشيخ زين العابدين المازندراني ومن المتأخرين المحقق النائيني (قده).
فالنتيجة ان ما ادعي من قيام السيرة على متابعة العامة في الوقوفين مما لا يمكن المساعدة عليه ، واما رواية ابي الجارود فهي مع الغض عن سندها لا تدل على شيء فانه لم يثبت كون المعني بكلمة (الناس) فيها هو غير