.................................................................................................
______________________________________________________
الثالث : أن فساد العمرة كفساد الحجّ وإفساد الحجّ لا ينافي وجوب الإتمام فكذا إفساد العمرة ، فما أتى به أوّلاً هو الفرض والثاني عقوبة كما في الحجّ ، فإطلاق اسم الفساد على ضرب من التجوز والتنزيل لا الفساد الحقيقي بالمعنى المصطلح ، بل لعل الأمر بالانتظار إلى الشهر القادم للعمرة قرينة على مراعاة تلك العمرة والحكم بصحّتها حقيقة ، لأنّ الانتظار إلى الشهر القادم من آثار العمرة الصحيحة ، ومن أتى بعمرة صحيحة ليس له أن يأتي بعمرة أُخرى إلّا بعد شهر.
وفيه : أنّه لا دليل ولا قرينة على حمل الفساد على الفساد التنزيلي ، نعم في باب الحجّ قامت القرينة على ذلك وهي صحيحة زرارة المصرحة بأنّ الأُولى حجته والثانية عقوبة عليه (١) ، فالفساد في المقام فساد حقيقي كما هو الظاهر من الروايات فلا دليل على وجوب الإتمام ، ومع ذلك يعتبر الفصل بين العمرة الصحيحة والعمرة الفاسدة بالعرض عملاً بالروايات كالعمرتين الصحيحتين.
وأمّا الثاني : وهو الجماع بعد السعي ، فيقع الكلام تارة في الكفّارة وأُخرى في فساد العمرة.
أمّا الكفّارة ، فلا إشكال في ثبوتها ولا فرق بين قبل السعي وبعده ، كما هو الحال في عمرة المتعة قبل التقصير ، بل بالتقصير تسقط الكفّارة ، وأمّا التقصير في العمرة المفردة فلا أثر له لثبوت طواف النِّساء فيها ولا تحل له النِّساء قبل طواف النِّساء وإن قصّر.
وبالجملة : قد تسالموا على ثبوت الكفّارة ولكن لم يذكروا له دليلاً ، والّذي يمكن أن يستدل له ولم أر من تعرض إليه صحيح علي بن جعفر الدال على وجوب البدنة قبل طواف النِّساء على الرجل إذا واقع امرأته قبل طواف النِّساء (٢) ، ونحوه جميع الروايات الدالّة على ثبوت الكفّارة عليه قبل طواف النِّساء فإنّه لم يرد في هذه الروايات طواف النِّساء للحج ، بل موردها مطلق يشمل كل من عليه طواف النِّساء
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ١١٢ / أبواب كفارات الاستمتاع ب ٣ ح ٩.
(٢) الوسائل ١٣ : ١٢٥ / أبواب كفارات الاستمتاع ب ١٠ ح ٧.