ككون الإنسان ذا نفس ناطقة فصلا للنوع الإنسانيّ ، ويسمّى : «فصلا إشتقاقيّاً».
ثمّ إنّ الفصل الأخير (١) تمامُ حقيقةِ النوع (٢) ، لأنّه محصِّل الجنس الذي يحصِّله ويتمِّمه نوعاً.
فما اُخذ في أجناسه وفصوله الاُخر على وجه الإبهام مأخوذٌ فيه على وجه التحصيل.
ويتفرّع عليه أنّ نوعيّةَ النوع محفوظةٌ بالفصل ، ولو تبدّلَتْ بعض أجناسه ، ولذا لو تجرّدَتْ صورَتُه ـ التي هي الفصل بشرط لا ـ عن المادّة ـ التي هي الجنس بشرط لا ـ في المركّبات المادّية ، كالإنسان تتجرّد نفسُهُ فتفارَقَ البدن ، كانت حقيقةُ النوع محفوظةً بالصورة.
ثمّ إنّ الفصل غيرُ مندرج تحت جنسه الذي يحصّله (٣) ـ بمعنى أنّ الجنس غيرُ مأخوذ في حدّه أخْذَ الجنس في النوع ـ ، ففصول الجواهر ليست بجواهر.
وذلك لأنّه لو اندرج تحت جنسِهِ إفتقر إلى فصل يقوّمه ، وننقل الكلام إلى فصله ، ويتسلسل بترتّب فصول غيرِ متناهية ، وتحقَّقَ أنواعٌ غيرُ متناهية في كلِّ فصل ، ويتكرّر الجنس بعدد الفصول ، وصريح العقل يدفعه (٤).
على أنّ النسبة بين الجنس والفصل تنقلب إلى العينيّة ، ويكون الحمل بينهما حملا أوّليّاً ، ويبطل كون الجنس عرضاً عامّاً للفصل ، والفصلُ خاصّةً للجنس.
ولا ينافي ذلك وقوع الحمل بين الجنس وفصله المقسِّم ، كقولنا : «كلّ ناطق حيوان» و «بعض الحيوان ناطق» ، لأنّه حملٌ شائعٌ بين الخاصّة والعرض العام ـ كما تقدّمت الإشارة إليه (٥) ـ ، والذي نفيناه هو الحمل الأوّليّ.
فالجوهر مثلا
__________________
(١) وهو الفصل القريب ، كالناطق للإنسان.
(٢) راجع شرح المنظومة ص ١٠١ ، والأسفار ج ٢ ص ٣٥ ـ ٣٦.
(٣) كما في الأسفار ج ٢ ص ٣٩ ـ ٤٠ ، وج ٤ ص ٢٥٣ ـ ٢٦٣.
(٤) وقد ناقش فيه الشيخ الإشراقيّ والفخر الرازيّ بوجوه عديدة ، فراجع حكمة الإشراق ص ٨٦ ـ ٨٧ ، والمطارحات ص ٢٢٨ و ٢٣٣ و ٢٩٠ ، والمباحث المشرقيّة ج ١ ص ٦٦. وأجاب عنها صدر المتألّهين في الأسفار ج ٤ ص ٢٥٣ ـ ٢٦٣.
(٥) في الفصل السابق.