وأمّا القدرة المنسوبة إلى الواجب (تعالى) فإذ كان الواجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع الجهات فهي مبدئيّته الفعليّة بذاته لكلّ شيء ، وإذ كانت عين الذات فلا ماهيّة لها ، بل هي صرف الوجود.
ومن الكيفيّات النفسانيّة ـ على ما قيل (١) ـ العلم.
والمراد به العلم الحصوليّ الذهنيّ من حيث قيامه بالنفس قيامَ العرض بموضوعه ، لصدق حدّ الكيف عليه.
وأمّا العلم الحضوريّ فهو حضور المعلوم بوجوده الخارجيّ عند العالِم ، والوجود ليس بجوهر ولا عرض.
والعلم الذي هو من الكيف مختصٌ بذوات الأنفس.
وأمّا المفارقات فقد تقدّم (٢) أنّ علومها حضوريّةٌ غيرُ حصوليّة ، غير أنّ العلوم الحصوليّة التي في معاليلها حاضرةٌ عندها وإن كانت هي أيضاً بما أنّها من صُنْعِها حاضرةً عندها.
ومن هذا الباب الخُلْق ، وهو الملكة النفسانيّة التي تصدر عنها الأفعال بسهولة من غير رَويَّة (٣).
ولا يسمّى خُلْقاً إلاّ إذا كان عقلا عمليّاً هو مبدأ الأفعال الإراديّة ، وليس هو القدرة على الفعل ، لأنّ نسبة القدرة إلى الفعل والترك متساويةٌ ولا نسبةَ للخُلْق إلاّ إلى الفعل (٤).
وليس المراد به هو الفعل ، وإن كان ربّما يطلق عليه ، لأنّه
__________________
أن يكون قادراً) ، وهذا مذهب أبي هاشم من المعتزلة ، وتبعه المحقّق الطوسيّ في تجريد الإعتقاد ص ١٧٥ ، وراجع كشف المراد ص ٢٥٠. وثانيهما : أنّ التقابل بينهما تقابل التضاد. وهذا مذهب الأشاعرة وجمهور المعتزلة على ما نقل في شرح المواقف ص ٢٩٩ ، وشرح المقاصد ج ١ ص ٢٤٣ ، وشوارق الإلهام ص ٤٤٢ ، وشرح التجريد للقوشجيّ ص ٢٧٦ ، وذهب إليه صدر المتألّهين في الأسفار ج ٤ ص ١١٢.
(١) والقائل كثيرٌ من المحقّقين ، كفخر الدين الرازيّ في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٣١٩ ، والمحقّق الطوسيّ في تجريد الإعتقاد ص ١٦٩ ، والتفتازانيّ في شرح المقاصد ج ١ ص ٢٢٤ ، والكاتبيّ والعلاّمة في حكمة العين وايضاح المقاصد ص ١٩٥ ـ ١٩٦.
(٢) لم يقدّم ، بل سيأتي في الفصل الأوّل والحادي عشر من المرحلة الحادية عشرة.
(٣) هكذا عرّفه الجمهور من الفلاسفة والمتكلّمين. راجع المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٣٨٥ ، وكشف المراد ص ٢٥٠ ، والأسفار ج ٤ ص ١١٤.
(٤) راجع المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٣٨٥ ، والأسفار ج ٤ ص ١١٤ ـ ١١٥.