يولد في الأغلب ذا أصابع خمس ويتخلّف في بعض الأحيان فيولد وله إصبع زائدة لوجودِ معارض يعارض القوّةَ المصوّرةَ فيما تقتضيه من الفعل ، فالقوّة المصوّرة بشرط عدم المعارض تأتي بخمس أصابع دائماً.
ونظير الكلام يجري في الأقليّ الوقوع ، فإنّه مع اشتراط المعارض الخاصّ الذي يعارض السببَ الأكثريّ دائميُّ الوقوع بالضرورة ، كما في مثال الإصبع الزائدة ، فالقوّة المصوّرة كلّما صادفت في المحل مادّةً زائدةً تصلح لصورة أصبع على شرائطها الخاصّة ، فإنّها تصوّر إصبعاً دائماً.
ونظير الكلام الجاري في الأكثريّ الوقوع والأقليّ الوقوع يجري في المتساوي الوقوع واللاوقوع كقيام زيد وقعوده.
فالأسباب الحقيقيّة دائمة التأثير من غير تخلّف في فعلها ولا في غايتها.
والقول بالإتّفاق من الجهل بالأسباب الحقيقيّة ونسبةِ الغاية إلى غير ذي الغاية.
فعثور الحافر للبئر على الكَنْز إذا نُسِب إلى سببها الذاتيّ ـ وهو حَفْر البئر بشرط محاذاته للكنز الدفين تحته ـ غايةٌ ذاتيّةٌ دائميّةٌ ، وليس من الاتّفاق في شيء.
وإذا نُسِبَ إلى مطلق حَفْر البئر من غير شرط آخر كان إتّفاقاً وغايةً عرضيّةً منسوبةً إلى غير سببه الذاتيّ الدائميّ.
وكذا موت من انهدم عليه البيت وقد دخله للاستظلال إذا نُسِبَ إلى سببه الذاتيّ ـ وهو الدخول في بيت مشرف على الانهدام والمكث فيه حتّى ينهدم ـ غايةٌ ذاتيّةٌ دائميّةٌ ، وإذا نُسِبَ إلى مطلق دخول البيت للإستظلال كان إتّفاقاً وغايةً عرضيّةً منسوبةً إلى غير سببه الذاتيّ.
والكلام في سائر الأمثلة الجزئيّة للإتّفاق على قياس هذين المثالين.
وقد تمسّك القائلون بالإتّفاق (١) بأمثال هذه الأمثلة الجزئيّة التي عرفت حالها.
وقد نُسِبَ إلى ذيمقراطيس (٢) أنّ كينونة العالم بالإتّفاق. وذلك أنّ الأجسام
__________________
(١) وهم ذيمقراطيس وأتباعه ، وأنباذقلس وشيعته من قدَماء الحكماء.
(٢) قد نَسب إليه الشيخ الرئيس في الفصل الرابع عشر من المقالة الاُولى من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء.